أ.د.عبدالرزاق الصاعدي
الشَّلْفاء: سكين صغيرة كالخنجر، معروفة في بلاد المنبع اللغويّ اليوم، ممدودة وتقصر، فيقال: الشلفَى. أخلّت بها المعاجم، فلم تذكرها لا ممدودة ولا مقصورة، وجذر (ش ل ف) فقير جدًّا، لا يتجاوز نصف سطر في معجم العباب، وهو مهمل في العين والجمهرة والبارع والتهذيب والصحاح والمقاييس والمحكم واللسان.
وفي خاطريات ابن جنّي نصٌّ عزيز، جاء في حديثه عن أسماء السّكّين، قال: «الشَّلفاء: فَعْلاء، من شَلَفه بالقَرْط؛ إذا أبحر فيه وبَضَعَ جِلده، وتلك حال السّكّين في بَضْعِها وأثرها». (الخاطريات ص 49 رسالة ماجستير، تحقيق د. سعيد القرني، جامعة أم القرى عام 1417هـ) وذكر مع الشلفاء الـمِدْية والخَيْفة والرَّميض والصَّلت والفالية، وهي من أسماء السكين.
وفي تكملة المعاجم العربية للمستشرق الهولندي رينهارت دوزي (6/ 347): «شَلْفَة: نوع من الرماح، وقد وصفها بيرتون 2: 106».
وقال أحد الباحثين في مجلة لغة العرب العراقية (هو عبداللطيف ثنيّان): «الشلفة حديدة عريضة محددة تكون في موضع السنان، وهي من الآرامية (شلفا) بمعناها، ويراد بها أيضًا الحربة والنصل والسكين والمدية وكل شفرة بلا مقبض. بل والشفرة نفسها. أو من (شلفتا) وهي الشَّفْرة التي لها حَدّان».
ونجد في معاجمنا القديمة ما يقارب الشلفاء، وهي (الشلقاء)، بالقاف، ذكرها الأزهري، قال: «الشِّلْقَاءُ: السِّكِّين بوَزْن الحِرباء»، وذكرها الصغاني وابن منظور والفيروزي والزبيدي في مادة شلق، ومعاجمنا القديمة كالقطار، يتبع بعضها بعضًا، فأخشى أن تكون تصحيفًا للشلفاء، فإني وجدت المعاجم تذكر الشلاّفة بالفاء، والشلّاقة بالقاف، وهي المرأة الزانية، وأحسب أن إحداهما تصحيفٌ. ولا بأس أن تكون الشلقاء - بالقاف - لغةً في الشلفاء، فثمة تعاقب لغوي بين الفاء والقاف، على الرغم من بعد مخرجيهما، فتكون الشلفاء والشلقاء من باب الزُّحلوفة والزُّحلوقة، وهما لغتان مشهورتان، ومثلهما: المفرشة والمقرشة، ونفز الظبي ونقز، وصلفع الرجل وصلقع، والمحفد والمحقد، والفصم والقصم، وغيرها كثير. وتؤيّدها من جهة التحليل الجذوري نظريةُ الثنائية، فالأصل: شلْ/ شلّ، ومنه فُكّت ثلاثيات: شلخ، شلع، شلف، شلق، ومعنى القطع ظاهر فيها جميعا.
وفي خلاصة هذا أقول: إن الشلفاء - بالفاء - فائت ينبغي أن يستدرك على معاجمنا العراقية، وهو مؤيّد من أربعة أوجه:
1 - لهجات المنبعيين، فلم تزل هذه الكلمة في لهجاتنا إلى اليوم.
2 - ما قاله ابن جني في الخاطريات.
3 - لغة الشلقاء فيها، إن صحّت ولم تكن تصحيفًا، فتكون من باب زحلوفة وزحلوقة.
4 - نظرية ثنائية الجذر، وهي أقوي الأدلة عندي.