سهم بن ضاوي الدعجاني
في إطار سعي مهرجان الحِرفة الدولي إلى خلق بيئة تعليمية وتدريبية متكاملة تدعم العاملين في مجالات الحرف والوثائق، ولتعزيز التعاون بين المهتمين بالتراث على امتداد الوطن الغالي، ولمزيد من تمكين الجيل الجديد من مواصلة المسيرة بأسس معرفية ومهنية حديثة، جاء هذا المهرجان الدولي المتخصص، مساهمة نوعية من «جمعية التراث والوثائق والحرف» بمنطقة الرياض متناغما مع إعلان عام 2025 عامًا للحرف اليدوية في المملكة، وذلك لتحقيق الأهداف: إبراز الحِرفة اليدوية بوصفها موردًا ثقافيًا واقتصاديًا، وجسرًا يربط الأجيال بقيم الهوية، والتراث، والعمل على دعم مختلف لمكانة الحرفة كمصدر للرزق والوعي والهوية و لإعادة الاعتبار للتراث، وربطه بالتنمية المستدامة، بشكل يعكس ثراء منطقة الرياض بالحِرَف والصناعات اليدوية ومظاهر التراث المعماري والشعبي.
المهرجان يستهدف من خلال بعده العلمي عددا من الموضوعات منها: التكافل الحرفي في المجتمع السعودي قبل استقدام العمالة الوافدة، الحِرَف في قبائل الحجاز، أضواء على حِرف الأنبياء، فنون البناء الحجري في رجال الحجر، التراث العمراني بالرياض، الجهد المعجمي والتوثيقي للشيخ سعد بن جنيدل في معجم التراث الشعبي، مشاهد ثقافية من الزلفي قبل سبعة عقود، استخدام خشب الأثل في النجارة المحلية، وادي مرخ بوصفه فضاءً حرفيًا وشعريًا ،من خلال نخبة من الباحثين والمثقفين والأكاديميين، لتقديم أوراق علمية تناقش الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية للحِرَف التقليدية في مختلف مناطق المملكة.
وإلى جانب البعد العلمي، يحتضن المهرجان عددًا من المعارض والفعاليات المصاحبة بمشاركة حرفيين من دول الخليج والدول العربية والصديقة، إلى جانب عروض تراثية، وأزياء شعبية، وورش عمل ومسابقات، فضلاً عن عروض السيارات الكلاسيكية بالتعاون مع الاتحاد السعودي للسيارات، وأركان مخصصة للأطفال ومنتجات الأسر المنتجة.
وفي الحقيقة، المهرجان يسعى إلى خلق بيئة تعليمية وتدريبية متكاملة تدعم العاملين في مجالات الحرف والوثائق، وتعزز التعاون بين المهتمين بالتراث، وتمكّن الجيل الجديد من مواصلة المسيرة بأسس معرفية ومهنية حديثة، كما أن هذا المهرجان لا يقدم نفسه كحدث احتفائي فحسب، بل هو مشروع ثقافي متكامل يعيد رسم خارطة الحرفة في الحياة السعودية، باعتبارها جزءًا من ذاكرة المكان، والمستقبل.
جمعية التراث والوثائق والحرف بمنطقة الرياض تسعى جاهدة لتطوير القطاع الحِرفي بالمنطقة وفقًا لمستهدفات الإستراتيجية الوطنية للثقافة المستمدة من رؤية السعودية 2030، حيث تسعى إلى أن يكون هذا المهرجان حدثًا ثقافيًا مميزًا يعزز من مكانة المملكة في مجال الحرف اليدوية، وجعله رافداً مهماً للاقتصاد الوطني والالتزام بتوفير بيئة محفزة للحرفيين والمبدعين السعوديين.
السؤال الحلم
متى يتحول عام الحرف اليدوية إلى واقع معيش في مجتمعنا السعودي؟ لا شك أن ذلك سيتحقق حين يقتني المواطن في بيته ومكتبه منتجات من الحرف اليدوية السعودية، ويكون لكل منطقة من مناطق المملكة حرفة يدوية تتحول في هذا السياق إلى رمز حضاري لها، وعندما تبادر وزارة التعليم إلى عمل مسابقات للمدارس تفوز في نهايتها أفضل مدرسة من كل مرحلة تعليمية في تقديم الحرف السعودية بشكل إبداعي، بل والأجمل أن تتضمن احتفالات «يوم التأسيس» و«اليوم الوطني» في عام 2025 عناصر من الحرف اليدوية أو عنها لكل منطقة من مناطق المملكة الثلاثة عشر، والأروع أن يتم إنتاج فيلم وثائقي عن الحرف اليدوية السعودية، ليعيد هيكلة العلاقة البصرية بالحرف اليدوية في عقول شباب وفتيات اليوم.