م. سطام بن عبدالله آل سعد
في موسم لم يكن سهلًا على نادي الهلال، توزعت فيه الخيبات كما تتوزع الأمواج على شاطئٍ واسع، سقط الفريق في لحظات لا تشبه تاريخه، وتعثّرت الإنجازات أمام أنظار جمهور لا يعرف المهادنة مع الهزيمة. وكالعادة، توجّهت الأصابع والسهام، نحو رجل واحد، هو فهد بن نافل.
لكن السؤال الذي لا يُطرح بما يكفي: هل كل ما حدث هذا الموسم يُعلَّق على شماعة الرئيس؟.
الحقيقة هي أن كرة القدم ليست مسرحًا يحكمه بطل منفرد، بل هي منظومة متشابكة، فيها المدرب، والإدارة، واللاعبون، وحتى تفاصيل خفية لا يدركها الجمهور، كالعوامل النفسية، والإرهاق، وجدولة المباريات، وحتى التحكيم. فلماذا إذًا يُحاسب الجبل وحده على ما تصنعه كل هذه الرياح؟.
فهد بن نافل لم يكن رئيسًا طارئًا على الهلال، بل كان صانع المجد الحديث، الذي أمسك بمقود الهلال ورفعه إلى وصافة العالم، وتحت إدارته أضاف النادي إلى خزانته 12 بطولة قارية ومحلية، في زمن كان فيه الآخرون يحتفلون بالخروج المشرف أو المركز الثالث. ورغم ذلك، نراه اليوم يُجلد وكأنه هو من أضاع الهدف، أو ارتكب خطأً دفاعيًا، أو تهاون في تمريرة قاتلة.
المدرب جيسوس، الذي تمّت إقالته مؤخرًا، كان شريكًا مباشرًا في القرارات التكتيكية الباهتة، في تبديلات غير مفهومة، وفي تعنته الفني الذي أدّى إلى فقدان نقاط ومباريات حاسمة أهمها نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة. اللاعبون أنفسهم، بعضهم بدوا وكأنهم استنزفوا كل طاقتهم في طموحات شخصية أو زهو فني، أو ربما وقعوا تحت ضغط ذهني ثقيل من زخم الموسم. ولم يكن بمقدور أي إداري تصحيح ما فسد داخل المستطيل الأخضر.
هناك من ينسى أن الإدارة لا تُسجّل أهدافًا، ولا تُنقذ كرات، ولا تُنفّذ خططًا أثناء المباريات. الإدارة تجهّز، توفّر، تبني، وتخطط.. وقد فعل بن نافل كل ذلك. أسس كيانًا استثماريًا، نقل الهلال إلى عصر الشركات، وقاد النادي باحترافية تُعدّ الأبرز في المنطقة، ورغم ذلك يُراد له أن يُدان وكأنه سبب كل كبوة، ومسؤول عن كل ضربة جزاء ضائعة أو صافرة مثيرة للشك.
العدالة لا تعني أن نحمّل الرئيس وحده عبء موسم مخذول، بل أن نقرأ المشهد كاملًا، من مدربٍ أدار المواجهات بجمود، إلى لاعبٍ دخل الميدان دون روح، إلى جدول أنهك الأقدام، إلى إصابات سرقت مفاتيح اللعب. بل حتى الضغط الجماهيري والإعلامي ساهم في تعميق القلق داخل أروقة الفريق.
هل فهد بن نافل معصوم؟ بالتأكيد لا. وهل أخطأ؟ نعم، لكنه لم يكن اللاعب الوحيد في الميدان، ولا صاحب القرار المطلق في كل لحظة. ولعل أعظم خطاياه في هذا الموسم أنه اختار الصمت، وكأنه يُحاكم نفسه داخليًا، بينما كانت جماهير الزعيم تبحث عن رأسٍ تضع عليه كل اللوم.
إن كان لا بد من إصلاح، فليكن إصلاحًا شاملًا، لا انتقامًا رمزيًا. فهد بن نافل ليس المشكلة.. بل هو في لحظة الحقيقة، جزءٌ من الحل. ومن يعرف حجم الطوفان، هو وحده القادر على تشييد السد.
فالهلال لا يحتاج لمن يهرب عند أول عاصفة، بل لمن يبني السفينة من جديد، ويُمسك دفتها بثبات وسط الموج؛ وبن نافل هو ربان تلك السفينة، العارف بتقلبات البحر واتجاهات الريح، القادر على إعادة الهلال إلى مرافئ البطولات، لا بالصراخ أو العشوائية، بل بثبات العقل وجرأة القرار.