طفلة النفيعي
من خلال قراءتي المتنوعة وفي ذات مساء من مساءات عاصمة الجمال والثقافة الرياض الحبيبة، ومع نسمات هوائها العليل وعبق الأنس والانشراح الذي تتميز بهِ ليالي نجد التي عهدناها، كما وصفها شاعر الحكمة والعذوبة خالد الفيصل «ليالي نجد ما مثلك ليالي» وأنا أقرا في الأدب العربي وتاريخ كتابة المقالة الصحفية وصياغة الأخبار وأشهر الأخبار والمقالات الطريفة وبعض الأخطاء الإملائية التي قد تحدث في بعض الأحيان للكتًاب بفعل الآلة الحديثة (التقنية)، أو بفعل الإنسان بغير قصْد منه، وذلك بسبب العجلة وعدم التأني والتدقيق في محتوى المقال والتأكد من أسلوب الصياغة؛ لأن العجلة وعدم قراءة المقال أو الخبر الصحفي أكثر من مرة قد توقع الكاتب والوسيلة الإعلامية في حرج!! فينطبق عليه المثل الدارج هذهِ الأيام على ألسن الناس وخاصة فئة الشباب، والمراهقين (جاب العيد !!) وهو مصطلح لا أذكر أنه كان من أمثالنا الشعبية القديمة التي عرفناه، منُذ الصغر، وذلك على حد علمي واطلاعي على الكثير منها سواءً ما كان عن طريق السماع أو النقل المقتبس من كتب المؤلفين الذين برعوا في تدوين هذا الفن والإرث من أمثالنا الشعبية، ومن أولئك البارعين الأساتذة الأديب عبدالكريم الجهيمان والرحالة المؤرخ محمد بن ناصر العبودي رحمهم -الله جميعا-.
ويقابل مثلنا الشائع (جاب العيد!) مثل آخر من زمن الطيبين بصيغة ومفردة مختلفة وأن كان يدل على نفس المعنى (يا ليتنا من حجنا سالمين) استحضرت ذلك كله، وأنا أقرأ عن أشهر الأخطاء الكتابية والمقالات في تاريخ الصحافة العربية والعالمية، ومن المعروف أن الإنسان ليس معصوماً من الخطأ بالرغم من اجتهاده وحرصه، فمن تلك الطرائف والأخطاء الإملائية في الكتابةً الصحافية كتبت إحدى الصحف المصرية الشهيرة مقالاً: تشيد فيه بالشيخ الخضري أحد مشايخ الأزهر، فجاء عنوان المقالة: (الصحيفة تثني على عمة الشيخ الخضري الكبيرة)، فيما كان من المفترض أن يكون العنوان: (الصحيفة تثني على همة الشيخ الخضري الكبيرة). ولسوء الحظ كان معروفًا أن عمة الشيخ كبيرة فعلا مما أثار أزمة بينه وبين الصحيفة في ذلك الوقت.
وقد قرأت في كتاب «مكتوب على الجبين سيرة ذاتية» للكاتب جلال أمين الذي توفاه الله في العام 2018 م وهو أبن المفكر الكبير أحمد أمين -رحمه الله- صاحب كتاب فجر الإسلام وضحاه وكتاب حياتي، وقد ذكر الأديب جلال أمين في كتابه «مكتوب على الجبين» في الفصل الذي كان عنوانه: «رجل يتحدى العالم كله» والذي خص بهِ شقيقه حسين وهو أيضا أديب ودبلوماسي وله من المؤلفات «المسلم الحزين، وفي بيت أحمد أمين سيرة ذاتية» ذكر: فيه «كتب رجاء النقاش رئيس تحرير مجلة الدوحة الثقافية في مطلع الثمانينات إلى أخي حسين يدعوه إلى الكتابة في المجلة وقد طار حسين بذلك فرحًا وأرسل له عدة مقالات، تم نشرها وحازت على إعجاب شديد، وأحدثت دويًّا واسع النطاق، وكانت تتسم أيضًا بالجرأة الشديدة في تناول التاريخ الإسلامي، مما اعتبره رجاء النقاش مفيدًا في محاولة أن يجعل مجلته منبرًا تنويرياًّ. ولكن حدث أن أحدى مقالات حسين أثارت غضب أحد الرجال المهمين في قطر، فعبر عن غضبه واحتجاجه لدى أعلى السلطات القطرية، وأدى ذلك إلى تقديم رجاء النقاش للمحاكمة لولا تدخل أحد الرجال المقربين للأمير، فصفح عنه، ولكنه لم يستطع الاستمرار رئيسًا لتحرير المجلة. وقد عاد رجاء النقاش إلى مصر يبحث عن وظيفة بعد ما أحدث هذا المقال ما أحدثه من غضب شديد لدى المسؤولين، وأما حسين فعاد وأحتجب عن العالم.!».
وفي الختام، من أراد الاطلاع أكثر على تاريخ مثل هذه المقالات والأخبار، الطريفة والمحرجة على مستوى الصحافة الدولية والعالمية، عليه أن يتخذ من القراءة صديقا مؤنساً وأن يفعل محركات البحث.
أما أنا أيها القارئ الكريم أكتفي بهذا المقال، أخاف «أجيب العيد»..!!