رمضان جريدي العنزي
الشح أقبح أنواع البخل وأشدها، وهو فعل سيئ رديء وبغيض، وخلق ذميم وآفة، والشحيح منبوذ اجتماعياً وغير محبوب، وليس له مكانة بين الناس، لا يقدر ولا يحتفى به، لا قيمة له ولا وجود، كونه لا يعرف الإنفاق ولا طرق البر والخير والإحسان، لا يعرف إغاثة المكروب، ولا رعاية اليتيم، ولا عناية الأرامل، ولا علاج مريض، ولا مساعدة محتاج، ولا يعي وجوه المعروف كلها، لا يكتفي بما عنده بل يبحث عن المزيد، نهم وشره للمال، شحيح على نفسه وعلى عياله وأقاربه ومعارفه، ويشح بما يملك وبما لا يملك، قال تعالى: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، (180) سورة آل عمران.. قال الإمام الشافعي:
إذا لم تجودوا والأمور بكم تمضي
وقد ملكت أيديكم البسط والفيضا
فما يرجى منكم إن عزلتم
وعضتكم الدنيا بأنيابها عضا
وتسترجع الأيام ما وهبتكم
ومن عادة الأيام تسترجع القرضا
وقال شاعر:
يفني البخيل بجمع المال مدته
وللحوادث والأيام ما يـــدع
كدودة القز ما تبنيه يهدمها
وغيرها بالذي تبنيه ينتفع
وقال الشاعر الشعبي:
البخل وصمة عار في وجه راعيه
والجود يبقي صاحبه رافع الراس
مات البخيل وضاع مال تعب فيه
ومات الكريم وعاش ذكره مع الناس
وقال آخر:
البخل ما عمره تخاوا مع الطيب
والنفس لا ضاقت ترى النفس حية
الرجل يفزع في نهار المواجيب
والا الردي دايم علومه رديه
إن الشح خصلة ذميمة ينفر منها أصحاب الفطر السليمة، لهذا نرى أصحاب النفوس الراقية الأبية لا ترضى بالدون حتى تبلغ معاني الأمور وتتربع على عرشها وتنفر من الشح والبخل والإمساك. إن الشحيح يعشق المال لذاته، ويهيم بحبه، دون أن يتخذه وسيلة للسعادة والارتقاء، إنه هوس الكنز والتملك، الذي يشقي صاحبه، ويورده للمهالك، يشينه ويعيبه.