فهد المطيويع
ويستمر مسلسل الهذيان والتطبيل المبرمج، تحت ذريعة الدعم والمساندة وحب الكيان، وكأن النقد عدو والوعي جريمة.
خذ على سبيل المثال هذا النموذج، واستمع لما قاله بعد الخروج الآسيوي:
«ارفع رأسك، أنت كيان حر لم تبنِ مجدك بصافرة أو لجان أو غرف فار». لا جديد اتهام صريح بعدم الأمانة لكل من ذكرهم!! جميل أن ترفع الرأس، لكن الأجمل أن تفتح العين، لأن ترديد الشعارات الرنانة لا يغير واقعًا مريرًا ولا يمحو إخفاقات متراكمة.
الغريب أن صاحب هذه المعلّقة العاطفية هو نفسه من قال بعد الهزيمة من كاواساكي، فريق ما فيه فائدة، رقعنا وما فيه فائدة! تناقض فج، يعكس حالة التخبط الذهني التي يعاني منها بعض من يسمّون أنفسهم بالمحبين، وهم في الحقيقة يشاركون في تضليل المشهد وتشويش الوعي الجماهيري، وقِس على ذلك الكثير من الأصوات المشابهة، المنتشرة برعاية ومباركة غير معلنة من إدارة النادي، التي ترى في هذه النوعية من الجمهور وسيلة لتهدئة الشارع، حتى لو كانت على حساب مصلحة الكيان.
وللأمانة، فإن جماهير الأندية الأخرى تفرح بسيطرة هذه الأصوات على المشهد النصراوي، لأن وجودهم يشعرهم بالاطمئنان، فهم أضعف ما في المشهد، وأسهل من يُدار ومعول هدم، والدليل: تكرار السنوات العجاف، والمواسم الصفرية، وكأن عقارب الزمن توقفت عند لحظة مجد عابرة. خروج النصر من البطولة الآسيوية لم يكن مفاجئًا لأحد، خاصة بعد موجة التخدير التي ساهم فيها إعلامهم بسطحية وغرور. فمنذ أن بدأ الحديث عن «نحن الأقرب»، و»النهائي مضمون»، و»من نُفضل أن نواجه»، بدأ الانحدار التدريجي، لأن الانتصارات لا تُصنع بالأحلام، بل بالعمل الصامت والانضباط، وهو ما تفتقده المنظومة النصراوية حاليًا.
من المضحك أن ترى الإعلام النصراوي يتحدث بثقة مفرطة عن سيناريوهات النهائي، حتى قبل تجاوز محطة كاواساكي. أحدهم يصرّ على تفضيل مواجهة الأهلي، والآخر يرى أن الهلال هو الأسهل! هذه ليست ثقة، بل سذاجة تسويقية تصنعها فقاعة إعلامية فارغة، سرعان ما تنفجر على أرض الواقع.
في الحقيقة، مثل هذا الخطاب لا يبني كيانًا ولا يصنع مجدًا، بل يسهم في إضعاف الفريق وتخدير الجماهير، بينما الفرق الأخرى تواصل العمل والتخطيط بهدوء وبُعد نظر.
الكارثة أن البعض يختزل حب الكيان في التهليل والتصفيق، حتى في وقت الهزائم والإخفاقات، ويتهم من ينتقد بالعداء والخيانة، بينما الحقيقة أن من يحب الكيان حقًا هو من يواجه الواقع بشجاعة، ويطالب بالإصلاح، ويضع النقاط على الحروف مهما كانت موجة الغضب، عموماً إن استمرار هذا النمط من التبرير والتطبيل لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى والانحدار.
النصر نادٍ كبير بتاريخه وجمهوره، لكنه لن يعود إلى منصات التتويج بمجرد التغني بالماضي، بل يحتاج إلى غربلة حقيقية، على مستوى الإعلام والإدارة وحتى الجماهير.
وقفة
خرج علينا أحدهم بمحاضرة عن كيف تكون الوطنية، وكيف يجب أن نكون وطنيين بتشجيع الأهلي كممثل للوطن في النهائي الآسيوي، أخينا نفسه، هو من قال (كلنا سدني كلنا أو لسان) في تغريدة يحفظها التاريخ ويحفظها من يؤلمهم هذا التجاوز!!