هويدا المرشود
ليست المشكلة في حب الفرق، بل في من جعل من التشجيع ذريعة للفوضى، ومن الخسارة مسرحًا للعداوات.
ما نراه اليوم في بعض المدرجات والمنصات لا يمتّ للروح الرياضية بصلة؛ مشهد مضطرب تُغذيه انفعالات الإعلام، وتزيده تعقيدًا تصرفات بعض اللاعبين، وتغيب عنه المسؤولية الجماعية.
ما بين مدرج مشتعل وميكروفون منفلت
تحوّلت بعض المباريات إلى سباقات توتر، لا استعراض مهارات. جماهير تتبادل الإهانات، ومذيعون يلهثون خلف «الترند»، وإداريون يُجيدون النفخ لا الإطفاء. لا يُطلب من الجمهور أن يكون محايدًا، لكن يُطلب منه ألا يكون مريضًا بالتعصب، ولا متورطًا في خصومة لا تليق برياضي ولا بإنسان.
عند غياب الاتزان يحضر الضجيج
الإعلام الرياضي، الذي يفترض أن يكون أداة تهذيب وتثقيف، بات في بعض وجوهه منصة لاستفزاز الجماهير.
التصريحات تُفصَّل على مقاس الإثارة، والبرامج تُدار وكأنها مباريات جانبية.
المهنية غائبة، والنقد البناء بات نادرًا، وكأن الغاية ليست بناء وعي بل تضخيم الجدالات.
اللاعبون ليسوا خارج المعادلة
بعض اللاعبين انساقوا وراء وهم النجومية الرقمية، فباتوا يخوضون صراعات إلكترونية بدل التركيز في الميدان.
التغريدات، التلميحات، وحتى الإعجابات، كلها أصبحت أدوات تأجيج لا تليق بقدوة يفترض أن تكون مصدر إلهام لا خصام.
من يتحمل المسؤولية؟
كلنا. الإعلام، اللاعبون، الجماهير، وحتى الجهات المنظمة.
الصمت عن هذا المشهد المتصاعد ليس حيادًا، بل تواطؤ. ويكفي أن نتأمل حال شاب يُصاب بجلطة بسبب خسارة مباراة، أو عائلة تدخل في خصومة بسبب لون شعار، لندرك أن الأمر تجاوز المعقول.
الرياضة ليست صراعًا، بل مساحة للذوق والاحترام
اختلاف الميول لا يعني إلغاء العقول، والهزيمة لا تبرر الشتم، والانتصار لا يمنحك الحق في الاستعلاء.
الرياضة فرح وخسارة، لكن فوق ذلك كله: أخلاق.
حين نربّي جيلًا يرى في الشتائم حماسة، سيرى في التهذيب ضعفًا. وحين نُطبّع مع الفوضى سنحصد ثقافة مشوّهة لا تشبه الرياضة ولا تعكس قيم المجتمع.
فلنعد إلى المبدأ الأول:
الرياضة حياة.. لا معركة.