سارا القرني
يُعتبر التقارب السعودي - الأمريكي أحد أبرز المحاور في السياسة الدولية، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها الشرق الأوسط. لقد أضحت المملكة العربية السعودية، منذ عقود، لاعباً رئيسياً في المنطقة، ووجهة مهمة للسياسة الأمريكية، سواء في عهد الرئيس السابق باراك أوباما أو خلال فترة رئاسة دونالد ترامب. وعندما نتحدث عن أهمية السعودية، نجد أن المملكة تمثل نقطة التقاء للعديد من القضايا الإقليمية والدولية.
في فترة رئاسة ترامب الأولى، كانت السعودية الوجهة الأولى له في رحلاته الخارجية، حيث تمثل الزيارة علامة بارزة على أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين. وفي ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، نجحت الرياض في تعزيز شراكتها مع واشنطن، مما ساهم في تعزيز استقرار المنطقة، خاصة في ظل التهديدات الإيرانية سابقاً والتوترات في العراق وسوريا واليمن. إذ عكست هذه الزيارة رغبة ترامب في تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي مع المملكة، وهو ما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى تحديث الاقتصاد السعودي وتنويع مصادره.
ومع اقتراب زيارة ترامب القادمة إلى السعودية، تأتي التصريحات التي أطلقها الأخير قبل عدة أيام حول «أخبار جميلة» عن الشرق الأوسط، مما يثير تساؤلات حول ما يمكن أن تحمله هذه الأخبار من تطورات. فهل ستكون هذه الأخبار تتعلق بتعزيز التعاون الاقتصادي، أم أنها سترتبط بمبادرات جديدة لتحقيق السلام في المنطقة؟ قد تشير التكهنات إلى إمكانية وجود جهود جديدة لإعادة إحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وهو ما يعد من القضايا المحورية في العلاقات الشرق أوسطية.
ومن المتوقع أن تتناول الزيارة المقبلة لترامب أيضاً صفقة الأسلحة الضخمة التي سيتم توقيعها مع السعودية. هذه الصفقة، التي قد تصل قيمتها إلى عشرات المليارات من الدولارات، وتُعتبر واحدة من أكبر صفقات الأسلحة في التاريخ، مما يعكس التزام الولايات المتحدة بدعم حليفها الاستراتيجي في مواجهة التهديدات الإقليمية. ومن خلال هذه الصفقة، تهدف السعودية إلى تعزيز قدراتها الدفاعية، وهو ما يتماشى مع الجهود الأمريكية للحفاظ على توازن القوى في المنطقة.
تأتي أهمية السعودية في الشرق الأوسط من موقعها الاستراتيجي وثروتها النفطية وثقلها السياسي والاقتصادي، وتعد نقطة ربط لثلاث قارات مما يحتم أهمية استقرارها والمنطقة من حولها ويجعلها شريكاً لا يمكن تجاهله. ومع رغبة الولايات المتحدة في الحفاظ على مصالحها في المنطقة، فإن تعزيز العلاقات مع الرياض تعتبر خطوة مهمة في إطار تحقيق الاستقرار الإقليمي.
يبقى السؤال حول «الأخبار الجميلة» التي تحدث عنها ترامب مفتوحاً على الكثير من الاحتمالات. إن استمرار الالتزام السعودي بالقضية الفلسطينية يعكس التزامها بالعدالة والسلام، ويؤكد أن أي تقدم في العلاقات يجب أن يكون مبنياً على أسس من العدالة والمساواة. إن المملكة، بفضل سياستها الحكيمة، ستظل دوماً في قلب الأحداث والمواقف التي تؤثر على مستقبل الشرق الأوسط، وليس على مستقبلها فحسب.