م. سطام بن عبدالله آل سعد
ادعم مَن تشاء.. واترك الهلال يتحمَّل الوطنية!
في مشهد رياضي يفترض أن يكون عنوانه العدالة والشفافية، يتعثر المنطق أمام سؤال مهم: هل تخضع آلية الدعم الرياضي لمعايير واضحة وعلنية؟ وإذا لم يكن كذلك، فلماذا يُترك الهلال، النادي الذي يحمل راية الكرة السعودية في المحافل الدولية، خارج دائرة الامتيازات والدعم، بينما تُمنح أندية أخرى تمويلاً مزدوجاً وفُرصاً استثنائية؟
منطق العدالة الاستثمارية يفرض توزيع الموارد وفق أسس موضوعية، الأداء، والمشاركة القارية والعالمية، وعدد البطولات. لكن الواقع يكشف فجوة لافتة؛ فالهلال، ممثِّل المملكة في كأس العالم للأندية، عانى في التعاقدات وتعويض الإصابات، بينما تحصّلت أندية منافسة على دعم مكثف سهّل لها إبرام صفقات كبرى.
فهل هناك جدول غير معلن؟ سقف خفي للتحركات؟ قرار غير مصرح به؟ جميعها تساؤلات تؤشر إلى غياب الشفافية أو وجود أولويات لا تنسجم مع منطق المنافسة النزيهة.
الهلال يُدار بذهنية المؤسسة المستقلة، ويعتمد على موارده الذاتية في التمويل واتخاذ القرار. لكن حين تتحول الاستقلالية إلى عزلة، تصبح الميزة عبئاً. فالنادي الذي لطالما كان الرقم الصعب محليًا وقاريًا، بات يلاحق لاعبين ينتقلون لمنافسين رغم رغبة مدربه، ويُحرم من البديل الجاهز وقت الحاجة، مما يُضعف موقعه التفاوضي ويُقلِّل من تأثيره في السوق.
وما يدعو للتأمل أن أندية منافسة تمتلك أكثر من نجم عالمي في المركز ذاته، بينما يُكمل الهلال موسمه بلا حلول كافية. وتشير بعض التقارير إلى أن الفجوة في حجم الدعم بين الهلال وبعض الأندية قد تصل إلى مئات الملايين من الريالات، ما يُعزِّز الشكوك حول وجود سياسة دعم انتقائية تُخل بمبدأ تكافؤ الفرص.
في المقابل، نرى الأهلي، الذي تلقى دعماً مباشراً منذ صعوده من الدرجة الأولى، يُحقق قفزات نوعية ويصل إلى نهائي دوري أبطال آسيا خلال موسمين فقط. تجربة صريحة تعكس أثر الدعم الممنهج حين يُوظّف بأدوات تمكين مؤسسية. وعلى النقيض، يخوض الهلال معركته بالاعتماد على إمكانياته الذاتية، في مشهد يُجسد تبايناً جوهرياً في فلسفة إدارة التنمية الرياضية، دعم خارجي مقابل بناء داخلي.
لكن الأخطر أن الهلال، ورغم كونه ممثِّل الوطن في أهم محفل كروي دولي، يُعامل وكأنه نادٍ هامشي. هذا التناقض الصارخ لا يمكن تفسيره إلا بأن الوطنية التي يُجسدها الهلال خارجياً لا تُقابل داخلياً بتقدير مستحق.
الهلال لا يطلب امتيازاً، بل يطالب بقواعد واضحة تحكم اللعبة وتُعيد التوازن إلى المنظومة. فإن كان هناك قرار بعدم دعمه، فليُعلَن. وإن لم يكن، فليُصحّح المسار. لأن استمرار الغموض لا يُضعف الهلال وحده، بل يربك الساحة الرياضية السعودية بأكملها، ويُضعف مصداقية مشروعها التنموي الرياضي.