م. بدر بن ناصر الحمدان
يُقال «سافر دون تردد، وأنقذ ما تبقى من سنين عمركَ المهدور»، وأقول أيضاً أنت «واهم» و«مُنخدع» إذا ما كنت تعتقد أن مُنتهى المتعة في أن تقضي عطلة نهاية الأسبوع في مكان بائس يسمى «استراحة» ذلك الشيء الذي هو عبارة عن «بقايا مبنى أسمنتي» - غير مرخص - في زاويته قطعة عشب أخضر - إن وجدت- وبقايا «حطب» من الشتاء الماضي، هذا المكان المُعدم والذي عادة ما يقبع في أطراف المدينة، أو بالقرب من ورش سيارات أو سكن عمال.
أنت تعيش من الوهم ما يكفي حينما تعتقد أن السعادة في مقابلة نفس الوجوه التي تعاني من الرتابة والملل من روتين لم يتغير منذ سنوات، تقضي معها ساعات مهدرة وبائسة، وحكايات وقصص مكررة، وأحاديث مبتذلة، في انتظار وجبة «مندي» من يد عامل آسيوي هارب، يتبعه إبريق شاي «تلقيمه»، وقطع من «البطيخ» الأحمر، تبرهن بها لنفسك أنك تعيش خدعة أسبوعية، ثم تعود إلى المنزل مُنهكاً من ليلة أحادية بائسة هي الأخرى، فارغاً من أي تجربة مُضافة قد تمنحك مساحة للتعايش مع ثقافات مختلفة تجعل منك إنسانا مفعما بالحياة.
تكلفة ما تُهدره في هذا المُعتقد الخاطئ يُمكنك من شراء تذكرة داخلية أو خارجية، تغادر بها المكان الذي تعيش فيه، غادر على سبيل التجربة والتغيير إلى أي مكان قريب أو بعيد كان، غيّر هؤلاء القابعين في الضواحي أو تخلص منهم، وامنح نفسك فرصة جديدة للعيش، وللقاء أشخاص آخرين، لا تبقى كامناً ومنعزلاً.
تقول لك «مارثا ميديروس»:
«يموت ببطء، من لا يسافر، ولا يقرأ، من يستعمل كل يوم نفس الطريق، ومن لا يتحدث إلى الغرباء».