طلال حسين قستي
احتفلت الأمم المتحدة في الرابع من شهر مايو الحالي باليوم العالمي للمرور، وهو اليوم الذي يخصص في جميع دول العالم للتوعية والتذكير بالحوادث المرورية التي تؤدي لخسائر بشرية فادحة من وفيات وإعاقات دائمة، ومع الأسف فإن أغلبيتهم من الشباب والشابات.
ففي عام 2024 تسببت الحوادث المرورية في وفاة أكثر من مليون ونصف مليون إنسان تراوح أعمارهم من خمس سنوات إلى ثلاثين سنة، وهذا لا يشمل أعداد المصابين الذين تتحول إصاباتهم إلى إعاقة جسدية، وهم بالطبع ضعف هذا الرقم.
ووفقا للتقرير السنوي الصادر من الأمم المتحدة فإن السبب الرئيس لحوادث المرور يرجع إلى سببين رئيسين هما:
- السرعة المتهورة من قبل السائق.
- عدم الالتزام بتعليمات السلامة وقواعد المرور أثناء القيادة على الطرق.
وهناك أيضاً أسباب أخرى هي التجاوز الخاطف، والدوران، والتوقف غير النظامي، واستخدام الهاتف (الجوال) أثناء القيادة.
وقد أشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن وفيات الحوادث المرورية تعد ثاني أهم سبب للوفيات البشرية في العالم، أما السبب الأول الذي لم يذكره التقرير فهو المجاعات والإبادة في بؤر الصراع حول العالم، وقد أكدت الأمم المتحدة إلى أنها تهدف من خلال اليوم العالمي للمرور للتذكير بما يلي:
- الأشخاص ضحايا حوادث المرور والطرق حول العالم، وحتى أولئك الذين أصيبوا بإصابات بالغة أدت إلى أذى بالغ أو إعاقة.
- الاعتراف بالعمل المحوري الذي يقوم به موظفو الطوارئ والأطباء والشرطة الذين يتعاملون مع حوادث الطرق بشكل يومي.
- تحفيز الحكومات على اتخاذ إجراءات صارمة من أجل حماية مواطنيهم من حوادث الطرق.
- تعزيز الإجراءات التي من شأنها منع تقليل حوادث الطرق قدر الإمكان.
وعلى المستوى المحلي فقد ورد رسمياً في سجلات وزارة الداخلية ما تحقق من إنجاز مهم بانخفاض وفيات حوادث الطرق في المملكة من (28.8) حالة لكل مائة ألف نسمة في عام 2016م إلى نحو (13) حالة في عام 2023م، وتحديد أعلى خطورة لعشرين طريقاً خارجياً، ووضع قياس مؤشرات تشغيلية، الأمر الذي أسهم في انخفاض الوفيات خلال تسعة أشهر من عام 2024م بنسبة 25.9 % مقارنة بعام 2023م.
وعززت الوزارة جهودها من أجل تعزيز السلامة المرورية بالتعاون مع لجان السلامة المرورية في إمارات المناطق، وتمثل ذلك في مشاريع مشتركة وإستراتيجية مع الجهات الحكومية والخاصة، لدعم قيم السلامة المرورية وتأصيلها ومعالجة السلوكيات الخاطئة أثناء القيادة، لرفع وعي المجتمع وقائدي المركبات تجاه قواعد السلامة المرورية.
وبهذه المناسبة أود التنويه إلى أن مبادرات رفع الوعي لدى أفراد المجتمع بالسلامة المرورية يتطلب مشاركة فعالة ودائمة من شركات موردي وبيع السيارات وشركات التأمين على المركبات.
ووفقا لما نشرته صحيفة « الاقتصادية» في 6 فبراير الماضي، ارتفعت مبيعات السيارات في المملكة عام 2024 إلى ذروة 8 أعوام رغم تغيرات أسعار الفائدة، حيث بلغت مبيعات السيارات خلال عام 827 ألف سيارة مرتفعة 13 % على أساس سنوي، برغم زيادة فائدة التمويل للشراء بالتقسيط.
السؤال هنا: هل يمكن لهذه الشركات أن تؤدي دوراً مسانداً وداعماً لإدارات المرور في حملات التوعية المرورية، أو رعاية الأبحاث والدراسات المرورية التي تخدم مبادرات السلامة المرورية؟
بالتأكيد يمكن ذلك، بل يعد لزاماً على الشركات فعل ذلك، من خلال الإسهام ولو بنسبة بسيطة من أرباحها، وذلك بالمشاركة في تشكيل لوحة تعاونية مجتمعية حية ودائمة لرفع وإعلاء مفاهيم الوعي المروري، وفي تقديري أن مسؤولية المجتمع المدني بمختلف أنشطته يجب أن تترجم إلى أعمال تخدم مبادرات السلامة المرورية التي تتبناها المملكة وفق رؤية السعودية 2030، ويتطلب ذلك تعاوناً والتزاماً بدعم جهود وزارة الداخلية من أجل تعزيز اليقظة الذهنية والوعي النابض بحس المسؤولية، وجعلها حاضرة في وعي قائدي المركبات بشكل دائم وفي كل الأوقات.
كما أن فكرة تخصيص حصة شهرية من حصص الدراسة في المرحلتين المتوسطة والثانوية في مدارسنا للجنسين، يتم فيها بث الوعي بتعليمات وضوابط المرور، كل هذا سوف يعزز قيم السلامة المرورية ويرسخها في أذهان الأجيال الصاعدة، ويمنحها الفهم والإلمام بكل جوانب السلامة المرورية التي تحميهم بإذن الله من أخطار حوادث الطرق التي تسببها القيادة المتهورة، وعدم الالتزام بقواعد المرور كما سبق أن أُعلن عن ذلك.
لا شك أن تكثيف الجهود التوعوية من كافة الجهات الرسمية والأهلية سيساند جهود وزارة الداخلية في تقليل حوادث السيارات، وما تخلفه من وفيات وإعاقات جسدية محزنة في الحاضر والمستقبل.
نسأل الله السلامة للجميع من حوادث المرور التي تنتهك حق الحياة وسلامة الجسد، والتوفيق لمن يسعى لخدمة مجتمعنا الآمن بحمد الله وعونه.
** **
- رئيس تحرير مجلة المبتعث بأمريكا سابقاً وعضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان