أ.د.عثمان بن صالح العامر
في مثل تاريخ هذا اليوم 15/ 11/ 1436هـ توفي الشيخ علي بن محمد الجميعة وصلي عليه عصراً في الحرم المكي ودفن هناك، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وهذا يعني أنه مضي على رحليه عن هذه الدار الفانية عشر سنوات، تغيرت فيها كثير من معالم الحياة، وتبدل عدد من القناعات، البعض من هذه وتلك كانت حاضرة في ذهنية (أبي فهد) بشكل واضح جلي، وكأنه سابق لزمنه، مستشرف لمستقبل وطنه، مدرك أبعاد التنمية المستدامة المتوخاة من قبل متخذ القرار، ليس لأنه يعلم الغيب، حاشا لله، ولكنه رجل عاصر الحياة، وخاض التجارب، ورافق مسيرة الوطن منذ عهد التأسيس وحتى ساعة الاحتضار، كل هذا مكَّنه قراءة قادم الأيام بعين البصير وإدراك الخبير.
شخصياً لا أعرف رجلاً نذر نفسه -بصفته الشخصية لا الرسمية- وبذل ماله وجهده ووقته وفكره وقلمه وجاهه وولده (للزراعة الوطنية) مثل الشيخ علي الجميعة -رحمه الله-.
يأتي مشروع السعودية الخضراء الذي أعلن عنه سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين رئيس مجلس الوزراء في 27 مارس 2021، ليؤكد أهمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر والشجرة السعودية في تحقيق جودة الحياة ذلك الهدف العزيز الذي تنشده وتسعى لتحقيقه رؤية المملكة 2030.
لقد راهن -رحمه الله- على السياحة الحائلية، وكتب عنها، وبشَّر بها، وها هي اليوم واقعاً تعيشه المنطقة بكل جدارة واقتدار، و(العزيزة) أضحت مقصد الزائر السائح لهذا الجزء من الوطن العزيز.
سألته في مقابلة أجريتها معه -رحمه الله- حين كنت مشرفاً عاماً على العلاقات العامة والإعلام في جامعة حائل ورئيس تحرير صحيفة الجامعة عن سبب دعمه للرياضة في المنطقة، فكان فحوى كلامه أن الأندية كيانات اجتماعية تربوية تثقيفية مثلها مثل بقية مؤسسات التنشئة الاجتماعية لابد من دعمها؛ لما لها دور رئيس في ملء أوقات فراغ الشباب، فضلاً عن أن أندية المنطقة حين تنافس الأندية الكبار ويأتون للعب هنا ينعكس ذلك على الاقتصاد المحلي ويؤثر بشكل مباشر في دورة الريال وإشغال القطاع الخدمي، وهذا من بين أسباب جلب رأس المال للمنطقة، ولذا لابد من الوقوف مع الأندية ودعمها من قبل رجال الأعمال قدر المستطاع.
كان من همومه الحائلية التي شغلت باله يوماً ما، المنطقة المركزية وسط حائل، والأحياء العشوائية، وها نحن اليوم نشهد وضع صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز، أمير منطقة حائل، حجر الأساس لمشروعي تطوير المنطقة المركزية بمدينة حائل الذي تنفذه أمانة المنطقة، بالشراكة مع برنامج جودة الحياة، والمرحلة الثانية من تطوير طريق الملك عبدالعزيز بحائل.
تنقل -رحمه الله- بين مناطق المملكة أجمع مسوقاً لحائل ومشاركاً في مساراتها التنموية، وكثيراً ما وجه دعوته لصناع القرار ورجال الأعمال والكتاب لزيارة حائل والاستثمار فيها والكتابة عنها، وجاء اليوم الذي يجتمع فيه صناع القرار والمستثمرون والكتاب في منتدى حائل للاستثمار 2025 الذي يشرف برعاية من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير المنطقة يوم السبت القادم، 17 مايو 2025م.
لقد ربى -رحمه الله- أبناءه وأحفاده على رقي التعامل وحسن الخلق فكانوا وما زالوا على خطاه سائرين، ولمبادئه وقيمه وأخلاقياته محافظين، فجزاهم الله كل خير، والشكر كل الشكر لهم جميعاً على جهودهم الوطنية مع والدهم حين حياته، وحرصهم على الوفاء لفقيدهم بعد رحيله، والشكر موصول في هذا المقام لكل وطني مخلص عرف حق الوطن عليه، وجعل نفسه أنموذجاً حقيقياً للمواطن الصالح، وربى أولاده وأحفاده وذريته على الولاء لقيادتنا وولاة أمرنا، وعزَّز شعور المواطنة المنجزة الفاعلة لديهم، وإلى لقاء، ودمت عزيزاً يا وطني، والسلام.