رسيني الرسيني
صدر تقرير سوق التأمين السعودي لعام 2024م من هيئة التأمين، بأرقام توضح نموًا ملحوظًا يعكس حيوية هذا القطاع ودوره المتزايد في دعم الاقتصاد الوطني، حيث سجَّل نموًا سنويًا تجاوز 16%، وارتفع حجم السوق إلى 76.1 مليار ريال مقارنة بحوالي 65.5 مليار ريال في عام 2023م. ويُعزى هذا النمو إلى زيادة الوعي التأميني، وارتفاع الطلب على منتجات وخدمات التأمين المتنوعة، والجهود المبذولة من هيئة التأمين لرفع نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي.
ومن أبرز المؤشرات اللافتة لعام 2024م الارتفاع الكبير في تأمين الحماية والادخار، الذي شهد نموًا تجاوز 200%، في دلالة واضحة على تنامي الاهتمام بالتخطيط المالي طويل الأجل وتوسّع شريحة المستفيدين من هذا النوع من التأمين. كما ارتفع عمق التأمين ليصل إلى 2.59% من الناتج المحلي غير النفطي، و1.87% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس التقدم في مساهمة قطاع التأمين في الاقتصاد الوطني، وفاعليته كأداة لإدارة المخاطر المالية للأفراد والشركات.
وعلى صعيد القوى العاملة، واصل القطاع جهوده في رفع نسبة التوطين، حيث بلغت نسبة السعوديين العاملين في القطاع 85% بعد أن كانت 75% في عام 2023م، فيما تجاوز عدد العاملين 11 ألف موظف، مما يعزِّز من مساهمة القطاع في خلق فرص عمل نوعية للمواطنين. وفي الجانب المالي، ارتفع صافي دخل القطاع إلى 3.6 مليار ريال مقارنة بـ 3.2 مليار ريال في عام 2023م، محققًا زيادة قدرها 400 مليون ريال تقريبًا، وهو ما يعكس تحسنًا في الأداء المالي وكفاءة أعلى في إدارة العمليات التشغيلية.
كما شهد عام 2024م ترخيص فرع ثانٍ لشركة تأمين أجنبية، نتيجةً إلى التسهيلات المتعلقة بفتح الفروع الأجنبية، وهي خطوة تعزِّز التنافسية في السوق وتفتح المجال أمام مزيد من الابتكار وتنوع الخدمات. ويُعد هذا من أبرز مؤشرات الانفتاح الاقتصادي في القطاع ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وعلى المستوى التنظيمي، وفي إطار تحقيق مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي، عملت هيئة التأمين على إصدار وتحديث عدد من القواعد والضوابط والصيغ النموذجية التي تتواكب مع ديناميكية السوق وتغيراته المتسارعة، ومن أبرزها: الوثيقة الموحّدة للتأمين الصحي للعمالة المنزلية، والوثيقة الموحّدة لتأمين المسؤولية المهنية لجهات تفتيش أعمال كود البناء السعودي، والوثيقة الموحّدة لتأمين المسؤولية المدنية للأماكن المكتظة والأنشطة عالية الخطورة. وتأتي هذه الوثائق لتعزيز الشفافية ورفع مستوى الحماية التأمينية للمجتمع، بما يتماشى مع تطور القطاع ومتطلبات المرحلة القادمة.
حسنًا.. ثم ماذا؟
الأداء المتميز والتطورات المتسارعة التي شهدها قطاع التأمين خلال عام 2024م تعكس التزام الجهات المعنية بتمكين القطاع ليكون إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، وسط توقعات باستمرار هذا الزخم في السنوات القادمة.