د. محمود عبدالله الحبيس العبادي
الاقتصاد السياسي الدولي المبني على استثمارات عملاقة في مواجهة القومية والليبرالية واسقاط الحلول العسكرية والأعمال الدعائية الإعدادية العدائية قد أصبحت واضحة في سياسة ترامب ضمن هندسة اقتصاديات الدول بقيادة الاقتصاد الأمريكي وشحن الأموال في بناء المشاريع العملاقة في مضاعفة القدرة الاقتصادية.
صحيح أن زيارة ترامب إلى السعودية مهمة جدا ولذا كانت وجهته الأولى وبالمقابل فان السعودية تعاملت مع تفكير مختلف أن تكون قوة مالية في العمل المشترك لتخفيف الكلف السياسية القادمة.
أرى أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد في السعودية وفريقه قد استدعوا المنابر الاقتصادية إلى بناء شراكات استثمارية من خلال بوابة الأمن والاستقرار والبيئة المحلية وإنهاء عقود من التحديات الإقليمية. إذا رجعنا إلى كتاب ثروة الأمم حيث قام أدم سميث بالتعامل بشكل ايجابي مع اقتصاد السوق واستدعاء قانون العرض والطلب.
وتأثير الاقتصاد السياسي الدولي حيث شكل جون ميارد كينز ونظريته الليبرالية ضمن تأسيس نظام بريتون وودز الذي دام من عام 1944 إلى عام 1971 والعامل القوي وهو صندوق النقد الدولي وسياسات البنك الدولية. جاءت الأزمات المالية إلى تبني تجديد نظام بريتون وودز لتحسين الروابط الاقتصادية.
الاقتصاد المختلط بين عناصر السوق الحرة والاقتصاد الموجه المبني على تبادل المصالح وتوجيه الاقتصاد. هنا فأن الاقتصاد المختلط حيث تقديم الاعانات استنادا إلى تنشيط الاستثمارات نحو خلق القوى الإنتاجية وما يتعلق بها من استخدامات تكنولوجيا متطورة جنبا إلى جنب لتشغيل الأيدي العاملة المؤهلة.
هل السعودية حليف استراتيجي مع أمريكا؟
يقول لنا التاريخ أن شكل العلاقات بينهما في تحسن مستمر وأمريكا تعتبر السعودية أكبر شريك لها فأكبر سوق للصادرات الأمريكية في الشرق الأوسط وهو تاريخ طويل من التبادل بينهما في كافة المجالات ومنها التقني وحيث العلاقات الأمنية الراسخة بينهما التي جاءت منذ عام 1933حيث تم توقيع اتفاقية بينهما وما أسس عليه اللقاء التاريخي الذي جمع الملك عبدالعزيز رحمه الله والرئيس روزفلت بتاريخ 14-2-1945 لبناء شراكة بين الدولتين قائمة على الاحترام والتعاون بين الدولتين.. واستهدفت تلك العلاقات المصالح الاستثنائية بينهما ولذا وجدنا النظر إلى دور السعودية في محيط اقليمي وهي تتعامل معه وفقا لتلك الثوابت الوطنية لها..
زيارة الملك سلمان إلى أمريكا عام 2015 ووقتها كان أوباما رئيسا هو تكريس لتلك الشراكة الاستراتيجية وفي عام 2017 زار الأمير محمد بن سلمان أمريكا والتقى مع ترامب ضمن رؤية مشتركة، ومن ثم زيارة ترامب إلى السعودية وتوقيع اتفاقية استثمارات ضخمة، وهكذا جاءت زيارة بايدن إلى السعودية عام 2022 إلى تلك الشراكة.
إن العلاقات بينهما تعد من أهم العلاقات الثنائية أهمية على مستوى العالم تستند إلى إستراتيجية طويلة الأمد وتبرزها حاليا التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية وهي أنموذج للعلاقات الدولية الراسخة، وهنا فإن ضخ المليارات السعودية بالاستثمارات في داخل السوق الأمريكي تعكس طبيعة العلاقة بين البلدين.
الحقبة الذهبية في هذه العلاقات هي مخرجات ترامب إلى السعودية وتوقيع أكبر اتفاقية في العالم وهو ما تخطط له السعودية لتوسيع استثماراتها في أمريكا والتي تشمل كافة المجالات والقطاعات.
أرى أن ولي العهد السعودي يسعى إلى الاستفادة من السنوات القادمة بالاستفادة من الفرصة المتاحة خلال إدارة ترامب بالشراكة والاستثمار غير المسبوقة. هنا دور الجغرافيا الاقتصادية والسياسية والسكانية في العلاقة بينهما تبدو وكأنها كوجهي قطعة النقد الواحدة في ديناميكيات الماضي والحاضر والمستقبل دون خوف أو بلبلة والتركيز على بناء الأنشطة واستغلال الموارد لتحقيق مكاسب اقتصادية.
واضح أن زيارة ترامب للسعودية تحمل مؤشرات دلالية واضحة ان الاقتصاد هو الاقتصاد السياسي في حل المقدمة وان انهاء الصراعات سلميا اعتمادا على ردع عسكري بتقوية منظومة العسكرية السعودية.
دائرة المصالح المشتركة بين الدولتين تركز على علة العلاقة بينهما ببناء شراكات متطورة وعلاقات استثمارية وتجارية بينهما ويمكن ما يتبقى من المصالح في تلك الدائرة ان تتبلور نظرات سياسية فيما بعد حيال الوضع في الشرق الأوسط.
أين مكانة القضية الفلسطينية بين الدولتين؟.
ينطلق موضوع الأرباح الاقتصادية ان تخفف من الضغوط السلبية المؤثرة على تلك العلاقات.. وربما يجعل من تلك العلاقات تفكير متضامن متزامن حيال القضية الفلسطينية بعلاج ضمن إدارة ترامب وربما تحولات لدى الادارة الأمريكية.
منطق الزيارة إلى السعودية يرتب على دول الإقليم اعادة التفكير بترتيب أولويات العمل بها. انها الزيارة الأهم دوليا إلى السعودية وإنها استهداف إلى تلك الشراكة وترسل الزيارة انها المملكة العربية السعودية أولا وأولا وليس أخيراً.
أتوقع ان السعودية بطبيعة الحال هي الفيتو في المنطقة بهدوء ودون تصريحات.
أتوقع أن ترامب قام بتسليم مفتاح البيت العربي والمنطقة إلى الأمير محمد بن سلمان فمن شاء فليكن حجه السياسي مرحبا به من جهة السعودية.. إنه الاقتصاد السياسي الذي يوجه إلى القرارات الجديدة.
** **
أستاذ دكتور اقتصاديات التنمية - الأردن - أكاديمي