د.محمد بن عبدالرحمن البشر
الرئيس الأمريكي ترامب العائد إلى البيت الأبيض، يقود اليوم أكبر دول العالم اقتصاداً، وأكبرها قوة عسكرية وأكبرها قوة علمية، وأكثر الدول تأثيراً سياسياً، وقد وصل إلى البيت الأبيض وفي حقيبته الكثير من الأوراق والقرارات والسياسات غير التقليدية، والمفاهيم الجديد، والأدوات التي يراها فاعلة لتحقيق الصفقات، فهو يرى أن ترتكز السياسات على منهج الصفقات، لأنها تخدم الغرض الذي من أجله جاء إلى البيت الأبيض، وروج له في حملته الانتخابية، وهو مبدأ الولايات المتحدة أولاً، والحد من استغلال الولايات المتحدة الذي دام لسنوات، كما يعتقد، وأن السوق الأمريكي الأكبر في العالم لابد له من ترك مساحة للإنتاج المحلي ليزيد عدد الوظائف وتقل البطالة، ويقل الدين الحكومي الذي يصل إلى نحو خمسة وثلاثين تريليون، وهو بلا شك أكبر دين في العالم، وفي كل عام مالي يكسر الحواجز متوجهاً إلى الأمام، فتزيد نسبة الدين المستحق دفعه فتزيد مساهمته في مقدار عجر الميزانية، في سلسلة لا نهائية لها.
وللحد من العجز التجاري وتصحيح التجارة البينية بين العالم والولايات المتحدة الأمريكية، وكما يعلم الجميع، اتخذ قراراً بوضع رسوم جمركية كبيرة، ثم أخذ في التفاهم معها كل على حدة، للوصول إلى صفقة ترضي الطرفين، آخذاً في عين الاعتبار حاجة العالم إلى السوق الأمريكي الكبير. وحاول خفض الدولار، لزيادة الصادرات، وتقليص الواردات، وترشيد الاستهلاك المحلي الذي يرى أن هناك إفراطا كبيرا فيه، كما أعلن خفض كبير في أسعار الأدوية بنسبة تصل إلى نحو ستين في المائة، وهو رقم كبير هوت معه أسعار أسهم شركات الأدوية.
الرئيس ترامب الاستثنائي اختار المملكة العربية السعودية لأن تكون أول محطات زياراته الخارجية، كما فعل في فترة رئاسته الأولى، وهذا يعني الكثير فهو يعلم حكمة القيادة في المملكة العربية السعودية، وتأثيرها العالمي في السياسة والاقتصاد، فهي أكبر دولة مصدرة للنفط، ولديها أكبر احتياطي منه، وفوق هذا كله بها الحرمان الشريفان قبلة جميع المسلمين، كما أنها تنعم بالأمن والاستقرار، والعلاقات المتوازنة مع دول العالم، والرئيس الأمريكي ترامب يعلم أن المنطقة على صفيح ساخن، قضية السودان، وليبيا، واليمن، والصومال، ومحاربة الإرهاب، وغير ذلك من القضايا.
القضية الفلسطينية بآلامها، ومآسيها، وأحزانها، وما سطره التاريخ من ظلم على أرضها وجبين أبنائها وآمال شعبها، وتطلعاتهم إلى العدل والإنصاف، والرئيس الأمريكي يعلم موقف المملكة العربية السعودية قيادة، وحكومة، وشعباً من القضية الأهم، ويعلم أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد لسيادة السلام في المنطقة وأن هذا ما تم الاتفاق عليه من قبل الدول العربية والاسلامية، وجميع دول العالم ما عدا عدد لا يذكر من الدول.
قدم الرئيس الأمريكي إلى المملكة، والتقى مع القيادة الحكيمة، وحضر المنتدى الاقتصادي وتم توقيع عدد من الاتفاقيات، التي تعكس متانة العلاقات الثنائية، والقديمة منذ عهد المغفور له الملك عبد العزيز رحمه الله، كما اجتمع مع قادة دول مجلس التعاون الشقيقة الذين قدموا إلى الرياض للاجتماع مع الضيف الكبير، في رحاب المملكة.