محمد العويفير
قبل أيام قليلة أنهيت واحدة من أروع التجارب الكروية التي خضتها في حياتي من خلال مشاركتي في برنامج المعايشة داخل نادي دينامو زغرب الكرواتي، أحد أبرز الأندية الأوروبية في تكوين وتطوير اللاعبين، هذا المقال ليس فقط لمشاركة تجربة شخصية بل لأفتح نافذة يمكن من خلالها أن نطّلع سويًا على تجربة نادرة ومفيدة مررت بها، حيث الهدف من طرحي لهذه التجربة هو أن تستفيد منها أنديتنا، وأن نأخذ من هذه النماذج الأوروبية دروسًا يمكن تطبيقها وتكييفها حسب واقعنا.
قضيت خمسة أيام في معايشة ميدانية داخل النادي، تابعت خلالها تمارين جميع الفئات السنية والفريق الأول، وجمعتني اجتماعات مباشرة مع مدير الأكاديمية، المدير الرياضي، والمسؤولين الفنيين في النادي، وما رأيته ولمسته عن قرب يدعو فعلاً للتأمل والتعلم.
من أبرز ما شدّ انتباهي هو الانضباط والتنظيم العالي في العمل اليومي، فكل فئة عمرية لها برنامج تدريبي دقيق مصمم بعناية ليتناسب مع خصائص اللاعبين في تلك المرحلة، فالمدربون لا يركزون فقط على الجوانب البدنية والفنية، بل يولون اهتمامًا خاصًا لبناء شخصية اللاعب وغرس مفاهيم الالتزام والانضباط والروح الجماعية.
أما الفريق الأول فكان حضور تدريباته فرصة لرؤية كيف تُدار التفاصيل على أعلى مستوى، طريقة التدريب، آلية العمل المتبعة، ودور كل فرد في الطاقم الفني والإداري تؤكد أن النجاح لا يأتي من فراغ، بل هو نتاج عمل جماعي طويل الأمد، وخلال اجتماعاتي مع مسؤولي النادي تحدثوا لي بصراحة عن فلسفتهم الكروية، وآليات اختيار اللاعبين وتطويرهم، وأهمية وجود هيكل إداري وفني مستقر يعمل بخطة واضحة، كل ذلك جعلني أتفهم سر تميز دينامو زغرب كأحد أفضل الأكاديميات في أوروبا والذي صدّر للعالم أسماء كبيرة في كرة القدم.
أشارككم هذه النقاط اليوم من باب المسؤولية، ولأنني أؤمن أن في أنديتنا الكفاءة والطموح، ولكننا نحتاج إلى الرؤية والاستمرارية، فأنديتنا قادرة على تحقيق نتائج عظيمة لو تم الاستثمار في البنية التحتية للأكاديميات، وتبني فكر علمي منظم في تطوير اللاعبين.
رسالتي:
أتمنى أن تكون هذه التجربة مصدر إلهام وفائدة لكل من يعمل في المجال الكروي، سواء إداريًا أو فنيًا، فالتطوير لا يأتي من النقل فقط، بل من الفهم، التكيف، والعمل الدؤوب.
** **
- محلل فني