فوزية الشهري
السعادة ليست لغزًا معقدًا أو معجزة ننتظر تحقيقها، وليست سرابًا أو كنزًا مفقودًا نبحث عنه ونطارده في متاهات الحياة. إنها أبسط مما نتخيل؛ لحظات تختبئ في التفاصيل الصغيرة التي ربما نمر عليها دون انتباه أو إدراك لقيمتها. فهي موجودة حولنا، تنتظر فقط أن نلتفت لها، نراها، ونستمتع بها، لكن مع زحام الحياة قد نهمل ذلك ونتجاهله.
السعادة لا تُقاس بكثرة أو حجم ما نملك، بل بالقدرة على الاستمتاع بما بين أيدينا، ببساطته وروتينه وتكراره. هي تلك اللحظات الهادئة البعيدة عن صخب الحياة، هي شعور الامتنان الذي يعد فلسفة حياة ومفتاحًا عميقًا لأبواب السعادة، يجعلنا نرى النعم التي نعيشها مهما كانت بسيطة. صحيح أن الامتنان لا يغير الواقع، لكنه يغير رؤيتنا له، فتصبح أكثر رضا وسعادة، ونواجه الصعوبات بقوة وعزيمة. الدراسات النفسية أثبتت أن الأشخاص الذين يمارسون الامتنان يتمتعون بصحة نفسية أفضل، ومستوى توتر أقل، وعلاقات إنسانية أعمق. وكلما تعلمنا كيف نكون ممتنين، زادت قدرتنا على اكتشاف لحظات السعادة والاستمتاع بها. العلاقات الإنسانية الدافئة والعطاء هما نبعان للشعور بالسعادة والرضا. عندما نتحدث دون قيود مع من نحب، أو نجتمع مع العائلة، أو نعانق الأصدقاء، نجد موطنًا دافئًا يلجأ إليه القلب عندما تضيق بنا الحياة. وللعطاء سحر خاص؛ فهو لا يقتصر على الماديات، بل يمتد لكل كلمة طيبة، أو مشاركة ظرف صعب، أو موقف إنساني. كل عطاء يعود أضعافًا على صاحبه، ويمنحه راحة نفسية وسعادة عميقة. لن يستطيع الشخص أن يكون سعيدًا إذا غرق في الماضي أو حمل هموم المستقبل الذي لم يأتِ بعد، ولا نعرف إن كنا سنكون موجودين فيه أصلاً. من يريد السعادة عليه أن يعيش في لحظته، يستمتع بها، ويقدر تفاصيلها. وفي نهاية المطاف، علينا أن نؤمن أن السعادة لا تحتاج إلا إلى قلب ممتن، وعين ترى الجمال في أبسط الأشياء؛ فربما تكمن أعظم أفراحنا في أصغر لحظاتنا.
الزبدة
«ازرع البسمة في قلوب الآخرين، تحصد السعادة في قلبك».