د. ناهد باشطح
فاصلة:
«الصحة النفسية ليست غياب المرض، بل هي القدرة على التكيّف والنمو في بيئة دائمة التغير».
- منظمة الصحة العالمية (WHO)-
عندما بحثت عن إجابة لتساؤلي حول اختلاف احتياجات المرأة السعودية عن غيرها من النساء؛ فذلك لإدراكي بأن الاضطرابات النفسية تخضع لعوامل عدة، فإذا كانت المرأة السعودية والكويتية هن الأكثر اكتئاباً حسب دراسة حديثة نشرتها جامعة كامبريدج في أغسطس 2024 للباحثة ميثاء البلوشي وآخرون؛ فذلك بسبب عدم المساواة بين الجنسين!
لكن الإشكالية لا تتجسد في عامل واحد إذ إن هناك عوامل أخرى لعبت دوراً في التأثير النفسي، إذ منذ أن وضعت رؤية 2030 للرفاهية مكانة محورية إلى جانب تمكين المرأة فإن التغيّر السريع في الحقوق والمسؤوليات ربما أدى إلى زيادة مصادر التوتر.
ففي دراسة لنورة المدني ومي الوسمي عام 2023م قامت الباحثتان بتقييم السعادة والصحة النفسية (الأعراض الجسدية، والاكتئاب، والقلق، والأرق، والاختلال الاجتماعي) لدى 308 امرأة سعودية تتراوح أعمارهن بين 15 و50 عامًا أظهرت المشاركات رضا عامًا، لكنهن أظهرن الآتي:
- ضائقة نفسية.
- تحسن صحة النساء المتزوجات النفسية مقارنةً بالنساء العازبات.
- ظهر الاكتئاب أعلى بين النساء الأصغر سنًا.
- أظهرت النساء العاملات وذوات المستوى التعليمي الأعلى أداءً اجتماعيًا أقل.
- ارتبطت درجات السعادة ارتباطًا عكسيًا بدرجات الصحة النفسية العامة،
في جميع الأحوال فإن جميع النساء، بغض النظر عن الجنسية، يحتجن إلى: (الأمان، الحب والقبول، التقدير والاحترام، الحرية والتعبير عن الذات، النمو الشخصي والعاطفي).
هذه احتياجات إنسانية شاملة تشترك فيها النساء في كل العالم، لكن هناك سياق مختلف لدى المرأة السعودية التي تعيش ضمن ثقافة محافظة، وتمر بتحولات اجتماعية واقتصادية كبرى، ما يجعل بعض احتياجاتها النفسية تأخذ طابعًا مختلفًا، منها:
1- الحاجة إلى الأمان العاطفي والاجتماعي
بسبب التغير السريع في دور المرأة، قد تواجه صراعًا داخليًا بين التقاليد والحريات الجديدة بسبب التوقعات المجتمعية حول الزواج، أو السلوك العام.
2- الحاجة إلى التقدير والاعتراف
رغم التقدم الكبير في تمكين المرأة لدينا، لا تزال بعض الأصوات تقلل من نجاح المرأة خارج أدوارها التقليدية.
3- الاستقلالية النفسية
بما أن المرأة السعودية حديثة العهد نسبيًا بالقرارات الفردية (مثل السفر، استقلالية السكن...)، لذلك فإن الحاجة لإثبات الذات قد تكون لديها أقوى.
4- الصراع بين الداخل والخارج
قد تعيش المرأة السعودية الهوية المزدوجة بين حياة متحررة في الخارج، وقيود نسبية في الداخل ضمن الأعراف.
5- الحاجة للتصالح مع الجسد والأنوثة
المبالغة في المثالية الجمالية التي تعززها بعض مواقع التواصل الاجتماعي، تجعل كثيرًا من النساء يشعرن بالرفض الجسدي أو العاطفي.
المرأة السعودية لا تختلف من حيث الاحتياج النفسي عن بقية نساء العالم ، لكنها تعيش نسختها الخاصة من تلك الاحتياجات تحت تأثير ثقافي واجتماعي وديني مختلف نسبياً، فاذا آمنا بما تواجهه المرأة السعودية من صعوبات جعلتها تحتاج إلى اهتمام أكبر بالخدمات الصحية النفسية الموجهة لها ربما استطعنا فهم تفردها بانتشار بعض الأمراض العضوية.
المصادر:
- Almadani, N. A., الجزيرة Alwesmi, M. B. (2023). The relationship between happiness and mental health among Saudi women. Brain Sciences, 13(4), 526. https://doi.org/10.3390/brainsci13040526
- Al Balushi, M., et al. (2024). Association between females and males in the prevalence of depression in the Gulf Cooperation Council (GCC) countries. BJPsych Open, Cambridge University Press. https://doi.org/10.1192/bjo.2024.