عايض بن خالد المطيري
«القائد الحقيقي ليس من يسير بالناس إلى حيث يريد، بل إلى حيث يجب أن يكونوا». بهذا المفهوم العميق يمكن فهم التحول الجذري الذي تشهده المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله.
تحول لم يكن مجرد إصلاح داخلي، بل مشروع نهضوي أعاد رسم ملامح الدولة، ووسع من أفق تأثيرها حتى أصبحت محورًا إقليميًا ودوليًا لا يمكن تجاوز قراره أو تجاهل حضوره.
وحين اختار الرئيس الأميركي دونالد ترمب السعودية كأول وجهة خارجية له في ولايته الجديدة، لم يكن ذلك مجاملة دبلوماسية أو قرارًا بروتوكوليًا، بل اعتراف صريح بمكانة السعودية، وبدورها القيادي في المنطقة والعالم.
فقد صرّح في مقابلة تلفزيونية قائلاً: «زيارتي إلى السعودية شرف كبير لي».
لم يكن ذلك الإعجاب مقتصرًا على رئيس دولة عظمى، بل كان صدى لما تلمسه القوى العالمية من تحولات كبرى تقودها السعودية، دولة أثبتت قدرتها على الجمع بين الحزم في مكافحة الإرهاب، وريادة الاعتدال، والمرونة الاقتصادية، والدور الإنساني العابر للحدود.
لقد تجاوزت السعودية مرحلة التفاعل مع الأحداث، لتصبح من صُنّاعها. فصارت تُوجّه البوصلة، وتُعيد تشكيل المشهد، وتبني بوعيٍ سياسي واقتصادي مشروعات مستقبلية تُلهم دولًا كثيرة.
وفي زمن تتسارع فيه المتغيرات، برز ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كرجل دولة يمتلك رؤية شاملة، ومشروعًا استراتيجيًا لإعادة بناء الدولة السعودية على أسس حديثة، منفتحة، راسخة في القيم، وطامحة إلى الريادة.
قال في بداية مشواره: «سوف نقف أمام العالم بإنجازات نفخر بها في الشرق الأوسط».
واليوم، ها هي تلك الإنجازات تتحدث عن نفسها. لم تعد الرياض على هامش القرار، بل صارت عاصمة التأثير، ومنطلق المبادرات، ومركز الاتزان الإقليمي.
رؤية السعودية 2030، التي انطلقت كمشروع اقتصادي، سرعان ما تحوّلت إلى نهضة وطنية شاملة شملت مختلف القطاعات؛ من تمكين المرأة، وتنويع مصادر الدخل، واستقطاب الاستثمارات، إلى تحسين جودة الحياة، والانفتاح على العالم، مع الحفاظ على الهوية والثوابت الوطنية.
وتمثل المشاريع الكبرى مثل نيوم، والقدية، والدرعية، والسودة، إلى جانب مبادرات الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، شواهد حية على مرحلة تأسيس جديدة تقودها إرادة صلبة، وقائد لا يعرف التردد، ولا يعترف بالمستحيل - قائدٌ «لا ينام»، كما وصفه الرئيس الأمريكي «ترامب».
وما يميز هذه القيادة أنها لا تنظر إلى الأزمات كعقبات، بل كفرص لإعادة صياغة الواقع، وصناعة واقع أفضل.
فالأمير محمد بن سلمان لا يكتفي بإدارة الحاضر، بل يعمل لبناء مستقبل متجذر في القيم، محصّن بالعلم، ومنفتح على العالم، ومسلّح بالإرادة الوطنية الصادقة.
خارجيًا، تمكّنت السعودية من ترسيخ علاقاتها الدولية على قاعدة الاحترام المتبادل، بعيدًا عن التبعية أو الإملاءات.
سياساتها الخارجية تقوم اليوم على الوساطة الذكية، والشراكات المتوازنة، وخدمة الاستقرار العالمي، كما في دورها المحوري في منظمة «أوبك+»، ومبادراتها الإنسانية في مناطق الصراع، وسعيها لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة.
أصبحت السعودية محطة لقادة العالم، ومركزًا لصناعة السلام، ومقرًا لقرارات الطاقة، ومحرّكًا أساسيًا للتحول الرقمي والمساعدات الإنسانية.
من لبنان إلى السودان، ومن العراق إلى سوريا، أصبحت الرياض العنوان الأول للحلول، في السياسة والاقتصاد والإنسانية.
وفي قلب هذا الحراك يقف الأمير محمد بن سلمان، بثقة القائد، وعزيمة البنّاء، وإيمان راسخ بأن الإنجاز الحقيقي لا يحتاج ضجيجًا، بل عملا صامتًا يترك أثره في الحاضر والمستقبل.
لذا أخبروا الجميع إنها السعودية العظمى. السعودية التي لم تأتِ لتساير المتغيرات، بل لتقودها. بقيادة رجل قادم لم يأتِ ليُدير الواقع.. بل ليُعيد تشكيله.