د. محمد عبدالله الخازم
استعرض المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي خلال منتدى القدرات البشرية إسترتيجيته، التي عدها القائمون عليه حافزاً للانطلاق نحو مزيد من الآفاق في مجال تدريب وتطوير المعلمين والتعليم بصفة عامة، بعيداً عن الإستراتيجية، التي قد تتطلب قراءة أخرى، كنت في حديثي مع بعضهم مستعرضاً بأن الأفكار لا تموت، وإن تأخر تحقيقها. مضيفاً، أن تأسيس هذا المعهد يشكِّل نموذجاً للحوافز التي تدفعنا نحو استمرار الكتابة والدفع بأفكار متعددة بغض النظر عن تحققها حين كتابتها أم لا.
دليلي هنا هو قصة هذا المعهد. كتبت مقالاً أطالب بتأسيسه عام 2007/ 2008م، أي قبل قرابة ثمانية عشر عاماً، وقد أسميته في مقترحي «معهد التدريب التربوي» وهو الاسم المفضَّل لدي. ولست أحبذ الاسم الراهن الذي حاول تقليد المسمى في دول أخرى. وبالطبع، ككاتب أو مفكر أو مستشار حينما أطرح فكرة، لا أدعي بأنني الأوحد الذي أتى بها ولست أصر على تبنيها بكافة تفاصيلها، بالذات في زاوية تدعي أن ما تقدمه «نقطة ضوء» تشكِّل مفتاحاً - لم أراد أو من يبحث- عن الضوء وكيف يشعله.
هي ملاحظة، كثير من الأفكار التي أطرحها في هذه الزاوية أو في كتاباتي بصفة عامة لا يتم تبنيها بشكل مباشر من قِبل المسؤولين والجهات المعنية لاعتبارات عدة، قد يكون منها «الأنا» بأننا نعرف أكثر فمن تكون - أيها الكاتب- لتخبرنا بما يجب عمله، أو لصعوبة التنفيذ، أو لتعارضها مع مصالح قائمة، أو ببساطة لأنها لا تصل للمسؤول المعني. عدم الوصول، قد يعني عدم الاطلاع، أو عدم البراعة في التقاط الأفكار الإيجابية القادمة من خارج محيطه وصندوقه الإداري، بسبب آلية عمل/ تفكير المسؤول أو انشغالاته وهمومه الأخرى. هذا الأمر، أكرره بالذات للمبتدئين في الكتابة؛ لا تنتظر تفاعل أني من قبل الجهات المعنية وإلا فإنك ستحبط خلال فترة قصيرة وتتوقف عن الكتابة. تلك تجربتي مع الجهات المعنية وليس القراء الذين هم سندي ومحفزي الدائم للكتابة.
على العموم، يسعدني تبني العديد من الأفكار والملاحظات التي طرحتها ولو بعد سنوات كما حدث في قصتنا حول معهد التدريب التربوي. هذا يعني أننا نزرع أفكار بعضها للمستقبل وليس بالضرورة للوقت الراهن. وهو أمر جيد عندما يتم تبني فكرة أو بعض الأفكار، سواء كنا مصدرها أو مجرد توافقها مع رأينا. ونكرر، الأفكار حق مشاع للجميع، لا أدعي تفردي بأي فكرة كانت.
لدي قصص عديدة في هذا الشأن، لكن أعود إلى قصة معهد التدريب التربوي أو المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي (لا يريحني مسمى مؤسسة يزيد عن ثلاث كلمات). وأشير إلى أنه عقب كتابة المقال - قبل 18 عاماً تقريباً- توسعت الفكرة إثر حديث مع مسؤول بوزارة التربية والتعليم وبناءً على اقتراحه كتبت لنائب الوزير، حينها، المقترح بشكل أوسع - بحكم خبرتي في تأسيس برامج تعليمية- شاملاً الرؤية والأهداف والبرامج المقترحة والهيكل التنظيمي ... إلخ. بعثتها فلم يتم الرد، ربما خشية طلب وظيفة أو مقابل للاستشارة، حيث كنت أكاديمياً والأكاديمي موصوم بأنه يقتات على الاستشارات! بعدها بعشر سنوات (2017 - 2018م) أعدت نشر الفكرة عبر أحد المقالات فالتقطها مسؤول جديد أو هي دعمت رؤية لديه/ لدى الوزارة، فدُفع بها للتنفيذ وحصل تأسيس المركز، عام 2019م.
الأفكار لا تموت ويحفزني الصدى؛ فكرتك جيدة بدليل تنفيذها أو بعضها، ولو كان ذلك بعد أعوام من كتابتها.