صيغة الشمري
عندما تقرأ تقييمك بعيون الآخرين، تدرك مدى تقدمك ومكانتك بينهم، وهو ما يحدث للمملكة التي تبوأت مكانة رفيعة إقليماً ودولياً في عدة مجالات من بينها الذكاء الاصطناعي، بدليل أن كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للتجارة إيلون ماسك اعتبر ما تشهده السعودية من استثمارات في الذكاء الاصطناعي «تحولًا ذكياً وطموحاً نحو المستقبل»، وأن البيئة التنظيمية والتقنية فيها باتت مؤهلة لتكون لاعباً عالمياً في الثورة التقنية القادمة.
حديث ماسك وغيره كثيرون من المتخصصين في التقنية، يشير إلى المكانة المرموقة للمملكة عالمياً في هذا المجال، بفضل دعم القيادة الرشيدة -أيدها الله- للخطوات الواثقة نحو ريادة عالم الذكاء الاصطناعي، مدفوعة بمستهدفات برؤية 2030 التي وضعت الابتكار والتحول الرقمي في صميم استراتيجياتها الوطنية، حيث يأتي الذكاء الاصطناعي بوصفه حجر الزاوية في مساعي المملكة نحو بناء اقتصاد معرفي متقدم ومتنوع، قادر على منافسة كبرى الاقتصادات العالمية. وقد انعكس هذا التوجه الطموح في الإنجازات الملموسة التي حققتها السعودية على صعيد المؤشرات الدولية، إذ صعدت إلى المرتبة 14 عالمياً، والأولى عربيًا، في مؤشر الذكاء الاصطناعي التابع للأمم المتحدة، وهو تقدم لافت بواقع 17 مرتبة خلال فترة وجيزة.
لقد أنشأت المملكة هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) لتكون الذراع التنظيمية والتنفيذية لاستراتيجيات الذكاء الاصطناعي، وتعمل على تسخير البيانات الضخمة والخوارزميات المتقدمة في خدمة الاقتصاد، والتعليم، والصحة، والأمن، والمجتمع. ولا يقتصر الطموح السعودي على وضع الأطر التنظيمية فحسب، بل يشمل بناء منظومة تقنية متكاملة، حيث أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مؤخراً شركة «هيوماين»، بدعم من صندوق الاستثمارات العامة، لتكون منصة وطنية للذكاء الاصطناعي تُسهم في تطوير نماذج لغوية محلية، وبنية تحتية رقمية منافسة عالمياً، وتسهم في تطوير وإدارة حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والاستثمار في منظومة القطاع، تمكين وتعزيز القدرات في المجال محلياً وإقليمياً ودولياً، وفتح آفاق جديدة في الاقتصاد الرقمي.
ومما سبق، يتضح أن السعودية تدرك جيداً أن البنية التحتية الرقمية المتقدمة شرط أساسي لنجاح تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لذا استثمرت في إنشاء مراكز بيانات ضخمة، ودعمت التحول إلى الحوسبة السحابية، ووسّعت شبكات الجيل الخامس، بما يتيح بيئة رقمية محفزة للابتكار. كما أطلقت برامج لتأهيل الكوادر الوطنية، بهدف تدريب عشرات الآلاف من المتخصصين في المجال، وتعمل على تحويل الجامعات السعودية إلى مراكز بحثية عالمية المستوى.