فيصل بن محمد فياض البارودي
منذ تأسيس الدولة السعودية اهتمت القيادة بالرياضة وعكفت على تطويرها وتشجيعها، فمنذ عهد المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود اهتمت المملكة بشتى أنواع الرياضات وتطورت وتنوعت بشكل متزامن مع التطور والتقدم في شتى النواحي، فبدأت بالاهتمام برياضات الفروسية وسباقات الخيل والهجن، وتوالى تنوع الرياضات ودخولها للمملكة مثل رياضات كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد وغيرها من الرياضات، وساهمت المبادرات الأهلية في تأسيس بعض الأندية الرياضية في منطقة مكة المكرمة والمنطقة الوسطى، والمنطقة الشرقية التي ساهمت في تأسيس بعض الأنشطة الرياضية فيها من خلال شركة أرامكو، ومن ثم توالى تأسيس بعض الأندية في المناطق والمدن السعودية الأخرى، وكان من الضروري حوكمة هذا القطاع منذ البادية فأسند التنظيم والإشراف على هذا القطاع إلى وزارة الداخلية في بادئ الأمر ضمن اختصاصات الإدارة العامة للرياضة البدنية والكشافة في العام 1953م، ليشرف على القطاع الرياضي وينظم شؤونه، وتنظيم البطولات الرياضية فيما بين الأندية من خلال مسابقات رياضية متنوعة مثل الدوري العام على كأس الملك الذهبي، ودوري الوطنيين على كأس سمو ولي العهد الفضي.وكانت هذه الإدارة هي نواة الاتحاد السعودي لكرة القدم الذي تأسس في العام 1956م والذي خاطب الاتحاد الدولي لكرة القدم للموافقة على عضوية الاتحاد الدولي، كما قدم الاتحاد السعودي الدعم للأندية في مجالات كرة القدم.وفي العام 1962 تم إنشاء الإدارة العامة لرعاية الشباب بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بعد أن كانت تشرف عليها وزارة المعارف خلال الفترة من 1960م إلى 1962م، والتي ساهمت في تطوير القطاع الرياضي والإشراف عليه وتنظيمه ووضع الأنظمة والسياسات التي تضبط إدارة القطاع الرياضي.وقامت رعاية الشباب حينها بوضع تصنيفين للأندية (الدرجة الأولى والثانية) وتحديد عدد الأندية في المدن وتأسيس مكاتب لرعاية الشباب في عدة مدن ومحافظات، كما حددت الدعم المالي المقدم للأندية والاشتراطات الواجب توافرها للحصول عليه، ومن ثم قامت بالتوسع في رياضات مختلفة عن كرة القدم مثل كرة الطائرة وكرة السلة وألعاب القوى والدراجات وذلك في 1963م بتأسيس اتحاد لكل رياضة بالإضافة لاتحاد كرة القدم، والذي مكنها من تأسيس اللجنة الأولمبية السعودية والذي تم قبوله في اللجنة الدولية في 1965 في مؤتمر روما.
وتواصل دعم الدولة للأندية الرياضية، سواء من خلال تخصيص أراضٍ لإقامة الأندية الرياضية ومرافقها والملاعب الرياضية المختلفة، وكذلك تقديم الإعانات الرياضية وترخيص الأندية الرياضية في مختلف المدن السعودية، والتوسع في الرياضات المختلفة ودعمها محلياً ودولياً.
وساهم هذا الدعم اللامحدود للقطاع الرياضي في تعزيز موقع الرياضة السعودية دولياً وحصول فرق ومنتخبات المملكة على العديد من البطولات القارية والعالمية وبمختلف الفئات السنية بدءًا من كأس آسيا في العامين 1984 و1988 على التوالي، مروراً بكأس العالم للناشئين في 1989، وكذلك التأهل لبطولات كأس العالم لكرة القدم منذ العام 1994 والذي أصبح متواجداً ضمن المنتخبات المتأهلة في كل مسابقة حتى كأس العالم التي أقيمت مؤخراً في دولة قطر والتي فاز فيها على المنتخب الأرجنتيني الذي فاز باللقب في نهاية البطولة، ناهيكم عن فوز فرق الأندية السعودية بالعديد من البطولات العربية والقارية، وتحقيق نادي الهلال لوصافة كأس العالم للأندية لعام 2023 والذي سيشارك أيضاً في نسخة العام 2025، بالإضافة لفوز النادي الأهلي السعودي بكأس دوري أبطال آسيا للنخبة في 3 مايو 2025 بعد تغلبه على فريق كاوازاكي الياباني في مدينة جدة، وبموجب هذا الفوز وجه سمو وزير الرياضة بتقديم مكافأة لكل لاعب أهلاوي قدرها مائتا ألف ريال بعد أن وجه سموه بتقديم مكافأة مائة ألف ريال لكل لاعب أهلاوي بعد فوز نادي الأهلي على نادي الهلال في مباراة نصف النهائي.ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030 كانت الرياضة في صلب اهتمامات القيادة أيدها الله، ومن منظور المسؤولية المجتمعية جعلتها محوراً أساسياً من محاور التطوير، وتشترك في عدة محاور أخرى مثل الترفيه وجودة الحياة والصحة والاستثمار الوطني والسياحة، وأصبحت المملكة تستقطب وتنظم المسابقات الدولية في مختلف الرياضات مثل الملاكمة وكرة القدم وسباقات السيارات السريعة (Formula 1) والسيارات الكهربائية (Formula E) وسباقات الرالي والذي فاز بطل سباقات الرالي السعودي يزيد الراجحي بلقب رالي داكار السعودية المقامة مؤخراً في المملكة كأول سعودي يفوز في هذه البطولة العالمية، بالإضافة إلى سباقات الماراثون وسباقات الدراجات، دون إغفال الرياضات العربية الأصيلة مثل سباقات الهجن والخيول.كما عملت الدولة من خلال الهيئة العامة للرياضة وبعد تحويلها إلى وزارة في العام 2020 على حوكمة الأندية الرياضية وتحويلها إلى كيانات اقتصادية، يتم إدارتها من خلال مجالس إدارة وتسائل إداراتها التنفيذية على إنجازاتها وعلى إدارة مواردها وتحقيق أهدافها وحفظ حقوق جميع الأطراف ذات العلاقة، كما عملت على تطوير الأندية الرياضية والمساهمة في استقطاب لاعبين أجانللّعب في الأندية المحلية والوصول بها للعالمية والترويج للمملكة رياضياً واقتصادياً وسياحياً وثقافياً.وضمن برنامج جودة الحياة، أحد برامج رؤية المملكة 2030، صدر قرار مجلس الوزراء رقم 654 في شهر يونيو 2021 بإنشاء أكاديمية مهد، والتي يرأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة، وتعنى الأكاديمية باكتشاف وتطوير المواهب الرياضية من عمر ثمان سنوات في رياضات كرة القدم وألعاب القوى وكرة اليد والجودو والتايكوندو، والتي من خلالها ستتمكن هذه المواهب الوطنية من حصد الجوائز والميداليات في المسابقات المحلية والدولية، ورفع اسم المملكة عالياً وعلمها خفاقاً في المحافل الرياضية الدولية.ولم يقتصر دعم الرياضة على ألعاب الرجال، بل تم دعم الرياضات النسائية المختلفة وتم دعم الأندية وتأسيس الفرق الرياضية النسائية، كما دعمت الرياضة في القطاع التعليمي وتعزيز أهمية الرياضة في المراحل الدراسية المختلفة ورفع الوعي بأهمية ممارسة الرياضة. واللافت قدرة السعوديات في فترة وجيزة على تحقيق البطولات وحضوراً محلياً دولياً لافتاً في مختلف الألعاب، مثل اللاعبة هتان السيف في بطولات عدة في ألعاب الفنون القتالية، واللاعبة يارا الحقباني في بطولات كرة المضرب. كما نظمت المملكة بطولة كأس العالم للرياضات الالكترونية في العام 2024 شارك في المسابقة أكثر من 1500 لاعباً ولاعبة ضمن أكثر من 500 فريق من المملكة ومن أنحاء العالم، وخصصت جوائز قيّمة للفائزين بالمسابقات بلغت قيمتها أكثر من ستين مليون دولار.ومن خلال الاستثمار في البنية التحتية والاقتصادية والمرافق الرياضية وغير الرياضية تقدمت المملكة بملف ترشحها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2034 والتي فازت بشرف تنظيم البطولة.
وفور إعلان فوز المملكة بشرف تنظيم كأس العالم 2034 أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، عن تأسيس الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم برئاسة سموه.
ولم تنتهِ الإنجازات الرياضية المتحققة عند هذا الحد، فقبل بضعة أسابيع تم الإعلان عن افتتاح المرحلة الأولى من المسار الرياضي في مدينة الرياض. وطالما تنظر القيادة إلى الرياضة بأنها مكوّن أساسي من مكونات حياة الشعوب وجزءٌ لا يتجزأ من مسؤولية ولاة الأمر في تحقيق رفاه ونمو المجتمع.
** **
مراجع داخلي معتمد CIA - مستشار مراجعة داخلية وحوكمة ورقابة