منال الحصيني
في ظل واقع عربي وإقليمي يضج بالحروب والصراعات وأزمة اتصال بين الدول، برزت المملكة العربية السعودية بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بدور أساسي ومحوري في إعادة صياغة المشهد السياسي في المنطقة، من أجل الحفاظ على استقرار المنطقة العربية.
لقد شكّل دعم الدولة السعودية وسموّه لعودة سوريا إلى الحضن العربي، والانطلاقة العالمية نحو العالم والسعي الفعلي نحو رفع العقوبات عنها، لتكون نقطة تحول مفصلية ليس في الملف السوري فحسب، بل في كيفية تعامل العالم العربي مع أزماته. حيث لم يعد نهج العزلة والعقوبات خيارًا مجديًا، بل بات الحوار والاحتواء والمبادرة هي المفاتيح الجديدة لمستقبل المنطقة.
من خلال هندسته لسياسة متزنة، استطاع الأمير محمد بن سلمان الجمع بين الحزم والمرونة، بين العقلانية والبعد الإنساني، مُقدّمًا بذلك نموذجًا فريدًا لقائد يرى الأمور بمنظار شامل، ويتعامل معها برؤية تبني ولا تهدم. وفي هذا المشهد المرتبك، ظلّ سموّه صوت الحكمة وسط الصخب، يدير الملفات الحساسة بعقلية المستقبل لا بمنطق الثأر السياسي أو ردود الأفعال.
لم تكن مبادرة الأمير محمد بن سلمان نحو سوريا خطوة سياسية مجردة، بل كانت رسالة إنسانية وشجاعة تجاه شعب أنهكته الحرب والعقوبات. فقد عبّر السوريون، في الداخل والخارج، عن فرحتهم وامتنانهم لهذا التوجه العربي النبيل، معتبرين أن السعودية لم تتخلّ عنهم، وأنها أعادت إليهم جزءًا من كرامتهم وأملهم.
اليوم، ومع تصاعد الأصوات الدولية والعربية المنادية بإعادة النظر في العقوبات، تتجلى بصيرة ولي العهد كرؤية سابقة لزمانها، أدركت أن الحلول الناجعة لا تُفرض بالعزلة، بل تُبنى بالتقارب، وأن مستقبل العالم العربي لا يمكن أن يُكتب من دون شراكة كل مكوناته.
إن مبادرة سموّه تجاه سوريا ليست فقط خطوة لإعادة بناء العلاقات، بل دعوة لسياسة جديدة تقوم على ترميم الجراح، لا تعميقها، وعلى توحيد الصف العربي في وجه التدخلات والأزمات، بدل الاستسلام للتشرذم والانقسام.