خالد بن عبدالرحمن الذييب
كثيرٌ من أخطائنا في الحياة نتيجة أننا لا نعرف متى نقول كلمة «لا» دون تأنيب ضمير. قيل يوماً تعلّم كيف تقول «لا» في الوقت المناسب، وفي الظرف المناسب، وهذه النصيحة إذا ارتبطت بعبارة «الوقت والظرف المناسب» فهي بداية فشل النصيحة قبل أن تبدأ، لأن الوقت والظرف المناسب أمور نسبية يحددها كل شخص بما يرى، فما تراه وقتاً مناسباً قد يراه البعض غير مناسب، إذن فإن الأفضل هو قول «لا» دون تأنيب ضمير، وهنا كلمة السر «دون تأنيب ضمير»، بعض الناس قبل أن يقول «لا» تجده يفكر بعدة أفكار واحتمالات لا قبل لبشر بها، ماذا سيقول فلان؟ وما هي ردة فعل علان؟ وما هو تأثير هذه الـ»لا» على مستقبلي الوظيفي أو علاقتي مع الطرف الآخر سواء علاقة اجتماعية، أو صداقة، تساؤلات وأفكار كموج البحر تهجم على هذا الإنسان وتجده داخلياً حاملاً هماً ثقيلاً كثقل الجبال وكل هذا نتيجة محتملة لكلمة «لا»، مع أنه لو فكّر بهدوء أكثر، أو بمعنى آخر لو لم يفكر لكان أفضل، لأن النتيجة بكل بساطة «لن يحدث شيء»، كل ما في الأمر عُرض عليك طلب ورفضته، أياً كان هذا الطلب سواء كان دعوة عشاء، أو إلقاء محاضرة أو أي شيء كان.
المسألة وما فيها لا تضع نفسك في مواقف تندم عليها لاحقاً نتيجة خوفك من كلمة «لا»، فكلمة «لا» أفضل فهي وإن كانت توقعك في مشاكل حالية، إلا أنها تنجيك من مشاكل لاحقة على المدى البعيد.
«لا» ليست هروباً من موقف، ولكنها مواجهة موقف، فأنت عندما تقول «لا» لأمر ما فهذا ليس تهرباً من عمل، ولكن لأن لديك أعمال أخرى تخصك وتخص أهدافك، ولأنك تعرف أن هذا ليس مكانك، وتعلم يقيناً أن هذه ليست منطقتك، فالإنسان العاقل والذكي هو الذي يختار منطقة صراعاته ومواجهاته بعناية. قوة كلمة «لا» ليست مع الناس الآخرين فقط، ولكن حتى مع أفكارك الداخلية.
لا تشتت نفسك بأكثر من فكرة وأكثر من هدف، فأكثر ما يميز الناجحين هو التركيز والاستغراق في فكرة أو هدف وحيد. فمهما أتت لك أفكار جيدة ضعها في ملف واتركها لحين آخر، وركّز على فكرتك الحالية، ينُقل عن ستيف جوبز قوله: «التركيز هو أن تقول «لا» لمئات الأفكار الجيدة».
أخيرًا...
كلمة «لا» لا تعني الهروب من المشاكل، ولكن التصدي لمشاكل قبل وقوعها...
ما بعد أخيرًا...
الشمس ستشرق، والنهار سيمضي، والليل سيحل، فلن يتغير الكون قيد أنملة نتيجة «لا» قلتها.