مرفت بخاري
أطال الله في عمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك البصيرة والقرارات الحاسمة، ملك الحزم والرحمة معًا، القائد الذي وهب شعبه حق التطور، ومهّد الطريق ليواكب العصر بكل ثقة.
في عهده، أُوقدت الشعلة؛ شعلة لا يطفئها الوقت، لأنها من وهج الإرادة، ذاتية الاشتعال، تضيء الطريق، وتزرع النور في كل مفترق.
وفي قلب هذه المسيرة، يقف ولي عهده الملهم، الأمير محمد بن سلمان، القائد الذي لم يُحدِث مجرد إصلاح سياسي أو اقتصادي فحسب، بل حرّر العقول، وأعاد ترتيب أولويات الحياة، وأعاد بناء حروفنا ككتّاب وكاتبات، فتوحّدت أبجديتنا بإلهام جديد، وأطلقنا معه نصوصًا وطنية تعبق بالكرامة، وتلمع بفخر الانتماء.
لقد أعاد صياغة الحلم، وفتح أمام المثقفين والفنانين والأدباء آفاقًا لم تكن تُطرَق من قبل، فصرنا نكتب من وهجه، ونستلهم من خطاه..
صرنا نرى الوطن بعين أوسع، ونرى أنفسنا نتسابق في تخليد حقبة زمنية من نور، تقودنا للنور، ويحتضنها النور.
وطني ليس مجرد أرض وحدود.. بل قصة تُروى بكل دمعةٍ وفرح، بكل كفاحٍ وأمل.
وفي هذه الأرض، التي تعانقها الشمس وتحتضنها الرمال، يقف قائدنا محمد بن سلمان، ساهرًا لا يعرف النوم، يرى أن الوقت لا يكفي طموحاته، ولا يشبع رؤاه.. ما يخطه ليلاً يُنفّذ نهارًا، وما يفكر به في صمت، يهتز له الواقع بتغيير.
فهل ينام من قرر أن يصنع وطنًا يُضاهي الحلم؟
هل يهدأ من وعد فأوفى، وعزم فأنجز، وأحب فبذل؟
هل ينام من لغى من قاموسه كلمة «مستحيل»، واستبدلها بـ»الممكن»؟
جاء هذا الاستفسار جليًا من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، في المنتدى الاستثماري العالمي بالرياض، عندما تحدّث عن الإنجاز العظيم الذي حققه ولي العهد بين فترتي ولايته للعهد، مُعبّرًا بدهشة عن الفارق الهائل بين زيارتيه للمملكة، في رئاسته الأولى والآن في زيارته الأخيرة، حيث رأى بأمّ عينه كيف تحوّلت السعودية إلى دولة ذكية، تنافس أعظم دول العالم عمرانيًا وتقنيًا.
قال بدهشة: «محمد.. هل تنام ؟»
وكانت تلك الجملة كافية لترسم ملامح قائد لا يهدأ، لا يعرف التراخي، لأن أمن وطنه ومصلحة مواطنيه لا تحتمل الانتظار.
فالأمن في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، أطال الله في عمره، لم يعد مجرد دوريات على الطرقات أو كاميرات مراقبة، بل أصبح منظومة متكاملة من الوعي والحزم، من محاربة المخدرات التي تستهدف شباب الوطن، إلى توعية أبنائه بمخاطرها، ورصد عقوبات حازمة للقضاء على هذه الآفة، وصولاً إلى ملاحقة الفساد في أقصى زوايا المؤسسات.
فالحملات الأمنية النوعية متكررة..
وكأن الدولة تقول: «أمنكم ليس شعارًا.. أمنكم مسؤولية نحملها كل لحظة».
أما هيئة مكافحة الفساد، فقد أصبحت ذراع العدالة السريعة، لا تهاون، لا مجاملات، تقف عند كل الأبواب، وتقول: «لا أحد فوق القانون».
لم تكن هذه الخطوات رد فعل، بل رؤية شاملة، تؤمن أن الوطن القوي هو الذي يُصلح بيته أولًا، ويُربّي أفراده على النزاهة، لا على الخوف من العقاب، ولا تبخل بدعم كل من يشاركها مواقع حدودية وعربية وإسلامية.
هكذا يعمل من قرر أن يجعل من وطنه قدوة، لا تابعًا، ومن نفسه قدوة، لا زعيمًا عابرًا.
فالخير الذي يرسمه لوطنه لا يضع له حدودًا جغرافية، وكأني أمام نص الأديب فخري البارودي حين قال:
فلا حدٌّ يباعدُنا
ولا دينٌ يفرّقنا
لسان الضَّادِ يجمعُنا
بغسَّانٍ وعدنانِ
لنا مدنيّةُ سَلفَتْ
سنُحييها وإنْ دُثرَتْ
ولو في وجهنا وقفتْ
دهاةُ الإنسِ والجانِ
فهبوا يا بني قومي
إلى العلياءِ بالعلمِ
وغنوا يا بني أمّي
بلادُ العُربِ أوطاني
فالأمير محمد بن سلمان ليس قائد وطنه فقط، بل رمز للعطاء العربي الموحّد؛ حيث امتدت جهوده من دعم إعادة بناء لبنان، والدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، إلى السعي لحلول سلمية في سوريا، ورفع العقوبات عنها، ومساندة إعادة البناء في اليمن، وتعزيز التعاون العربي في مصر، والدعم للسودان، مرورًا بقضايا الأمة الإسلامية، وتأمين حج هذا العام 1446 على أكمل وجه.
إنه القائد الذي يرى في وحدة العرب قوة، وفي الاستثمار الإنساني مفتاح المستقبل، حاملاً هموم الأمة في قلبه، وموحّدًا الأمل والطموح بين شعوبها.
فلو كانت السعودية هي الأم التي تحتضن أبناءها وتسخّر لهم كل الصعاب، فتأكّدوا أنه الابن البار الذي أنجبته، ورزقه الله محبة أمّه، وجعله المعنى الكامل للبر هو وليّ عهدنا.
وسبحان ربي حين قال: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} سورة آل عمران (92).
ويشهد الله، ونشهد نحن، شهود الله في أرضه، بأنه أنفق ماله ومشاعره وراحته، فاستحق البر بأبهى وأزهى صوره.
أيها القائد البار..
امضِ قدمًا، فلديك شعب هم إخوة وأبناء، ولك في قلب كل أم دعوة في ظهر الغيب بأن يحفظك الله، ويُسخّر لك الأرض ومن عليها.