رمضان جريدي العنزي
حكمة جاءت على لسان الأولين، لها دلالتها ومعناها وأثبتت مفعولها وجدواها، كون النوم الجيد والباكر ينعكس على الهمة والنشاط والطاقة العالية، وقال أهل الشام «نم بكير وأصحا بكير وشوف الصحة كيف تصير»، وقال بعض الحكماء «النعاس يذهب العقل، والنوم يزيد فيه».
إن النوم المبكر يسهم إسهاماً فاعلاً في زيادة الطاقة والحيوية، بل يعد من الضرورات الأساسية لحياة أفضل وأصح للجسم والعقل، ووقاية من الأمراض وتعزيز دور المناعة، ويزيد من البهجة والسرور ويبعد عن القلق والتوتر والكآبة، لقد أثبتت الدراسة ذلك، وحثت عليها الهيئات الصحية وبينتها بالدلائل والبراهين، لقد أولى ديننا الحنيف أهمية كبيرة بالنوم، لأن النوم بمثابة إعادة شحن للجسم والروح والاستعداد لليوم التالي، قال تعالى: (وًمِنْ آيًاتِهِ مًنًامُكُم بِاللًّيْلِ وًالنًّهًارِ وًابْتِغًاؤُكُم مِّن فًضْلِهِ إِنًّ فِي ذًلِكً لًآيًاتٍ لِّقًوْمٍ يًسْمًعُونً)، والآيات الكريمة والأحاديث الشريفة في هذا الشأن كثيرة، لقد أظهرت مراجعة منهجية شملت تحليل 39 دراسة أن الأشخاص الذين يسهرون لوقت متأخر أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع خطر الإصابة بأمراض السكري والسرطان والاكتئاب والسمنة، وأظهرت الدراسة وجود تركيز أعلى من مستويات HbA1c، والكوليسترول الضار، ومستويات الدهون الثلاثية لدى أولئك الذين يسهرون لوقت متأخر مقارنة بالأشخاص الذين يفضلون الاستيقاظ في الصباح أكثر، عندما تذهب إلى السرير بعد منتصف الليل، فإنك تحصل على قدر أقل من النوم العميق الذي تحتاجه لتشعر بالراحة بعد الاستيقاظ، مما قد يؤدي إلى النعاس أثناء النهار وحتى الحرمان من النوم في اليوم التالي، ولهذا أوصى العلماء بالنوم قبل منتصف الليل للحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد والابتعاد عن الآثار الضارة والمتعبة والجالبة للأمراض النفسية والجسدية، أن لله حكمة ورحمة بأن جعل الليل سكناً، والنهار معاشاً، لكن كثيراً من الناس خالفوا هذا التوجيه الرباني، حيث صاروا يسهرون الليل، وينامون النهار، ويكسلون عن الأعمال المنوطة بهم، ويقل إنتاجهم وتركيزهم وتفاعلهم، وعليه جرب أن تنام مبكراً وستكتشف لاحقاً بأن للنوم المبكر فوائد عظيمة وجليلة ونافعة، أن الأمر لن يكون سهلاً في البداية، لكن لصحتكم ونشاطكم وابتعادكم عن الأمراض، أتخذوا القرار فوراً وعدلوا ساعة نومكم البيولوجية، ستشعرون بتحسن هائل في حياتكم، ستصبحون أكثر توازناً وسعادة، لقد جربت شخصياً النوم المبكر منذ زمن طويل حتى تغيرت حياتي نحو الأفضل والأحسن، لقد أصبح النوم المبكر جزءاً من حياتي اليومية والذي لم ولن أتخلى عنه مطلقاً، وإن كنت في حالة إقامة أو مهمة أو سياحة أو سفر.