د. علي القحيص
لازالت ردود الأفعال الإيجابية تتوالى تباعا حول مخرجات (قمة الرياض)، المهمة التي تولاها سمو ولي عهد المملكة، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وقادها باقتدار وبنجاح مبهر أذهل المراقبين، ليؤدي مهامه ومسؤولياته في مرحلة زمنية هي الأصعب محليا وإقليميا ودوليا، وتولى قيادة القمة بكل ثقة وإصرار وعزيمة مع ما يتمتع به من ملكات القيادة والحنكة والكاريزما في إدارة الازمات ومواجهة الصعاب والمحن، في الوقت الذي كانت فيه بؤر الصراع تشتعل في كل المحيط العربي والعالم أيضا، وتلعب دول إقليمية بأدواتها الخبيثة عمدا بالتخريب والدمار، لتستهدف وجود الأمة العربية كلها وتفكيكها وتمزيقها إربا.. إربا.
حزم صاحب السمو الشاب أمره بعد التوكل على الله وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، واتخذ قرارات مصيرية حاسمة ومهمة أتعبت من كان قبله وبعده من القادة والمسؤولين العرب.
وانخرط في دفة إدارة الأزمات الاقليمية وحلحلتها ومعالجتها والتصدي لمثيري الفتن وإخمادها، معززاً علاقات المملكة مع دول العالم الكبرى الصديقة والشقيقة ومقوياً شكيمتها لتصل إلى ذروة مبتغاها المتينة الراسخة، على رأس فريق عمل على قدر عال من الكفاءة والمسؤولية والعلم والمعرفة والإدراك والأهلية والخبرة، في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والدبلوماسية ليواجه المخاطر الجسيمة والتحديات الصعبة، حيث اتبعت المملكة العربية السعودية نهجا ثابتا في نصرة القضايا العربية والوقوف إلى جانب الشعوب العربية وقضاياها المصيرية العادلة والمطالبة بحقوق الشعوب والضغط على أصحاب القرار في الدول الكبرى، لينتزع منهم حقوق الآخرين المسلوبة بقوة وذكاء، وكانت سوريا فيما مضى هي بيضة قبان المشروع الأجنبي الخبيث، ونهجت المملكة سياسة بعد النظر والصبر والحكمة وتفكيك المخططات المعادية في الوقت المناسب، واستخدمت تكتيك القوى الناعمة والتأني حتى نضجت الأمور لتضرب بالعمق دون مواربة أو تردد، ورمت بكل ثقلها مع الحلفاء في نصرة الشعب العربي السوري، الذي تمكن من إخماد المشروع الأجنبي والتخلص من أعتى دكتاتورية عرفها التاريخ العربي، لتسارع المملكة وبكل وزنها وإمكاناتها وتأثيرها للوقوف إلى جانب السوريين في مسيرة التغيير والنهوض وبناء الدولة الوطنية.
ووسعت علاقاتها واتصالاتها مع الدول الكبرى لشرح الموقف العربي وما تحقق في سوريا كأحد أهم عوامل الاستقرار والأمن العربي في المنطقة، وكف أيدي الدخلاء الأجانب وأدواتهم لإقناع وتفهم المجتمع الدولي لرؤية القيادة السورية الجديدة وسعيها الصادق لبناء الدولة الديمقراطية المدنية وإعادة الشعب السوري المشرد إلى أرضه ووطنه، وبسط الأمن والاستقرار وتحويل سوريا إلى مركز استقطاب واستثمار واشعاع حضاري وترسيخ السلام والأمن في المنطقة العربية التي عانت الأمرين بسبب التأجيج المذهبي والتعصب الطائفي، وبناء علاقات إقليمية تقوم على احترام سيادة الدول واحترام أنظمتها والعلاقات الثنائية التي تحقق مصالح الجميع بدون تدخل أجنبي، ولنشر رسالة المحبة والسلام الإقليمي وقطع دابر الاستقطاب ومشروع التخريب الممنهج، ومنع تهديد أمن واستقرار المنطقة والأمن العربي القومي، ونجح صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان في إقناع سيد البيت الأبيض الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) المنتخب حديثا لولاية جديدة، لدعوته لزيارة مدينة الرياض وتوفير فرصة الالتقاء بالرئيس السوري أحمد الشرع، وقادة دول الخليج من أجل إعطاء السوريين الفرصة لبناء دولتهم بعد 45 عاما من العقوبات التي فرضت أيام النظام السابق الذي فشل في إدارة الدولة وجمع شمل شعبه.
وأوفى الأمير محمد بن سلمان بوعده وعهده، وجمع الشرع مع ترمب الذي أعلن عن أوامره الفورية برفع العقوبات عن سوريا تكريما لابن سلمان ونزولا لرغبة بعض القادة العرب، حيث يقف سمو ولي عهد المملكة بكل ثقل وبلاده لريادة مشروع إعادة إعمار سوريا «إسوة بمشروع مارشال الأمريكي» والعمل على جعل سوريا واحة للاستثمارات والإعمار والصناعة والسياحة والتطوير العقاري والزراعي، هنا قدم ابن سلمان للسوريين والمنطقة العربية مكرمة قل نظيرها في التاريخ الحديث، التي أذهلت العالم وادهشت الشعب العربي وأفرحت المجتمع السوري الذي ملأ شوارع دمشق بالهتافات والاحتفالات، ابتهاجا لهذه المبادرة العظيمة.
وتهدئة وتبريد مناطق الصراع واعادة اعمار سوريا بعد نجاحه في رفع العقوبات عنها، ليسجل للتاريخ أنه القائد العربي الرمز الصادق الأمين الذي لا يتوانى عن نصرة إخوانه العرب والمسلمين، وكانت فرحته عند إعلان ترمب الغاء العقوبات عن سوريا في الرياض لا تضاهيها فرحة السوريين أنفسهم في دمشق، حيث أصبح للسوريين المثل الأعلى والقائد والقدوة والأيقونة، وانتشرت عبر منصات التواصل منشورات وصور وقصائد ورسومات وعبارات الشكر والثناء للملك سلمان وولي عهده والشعب السعودي الكريم على هذه الوقفة الأخوية التي عادت الآمال ورفع المعنويات وجددت الطموح لكل الشعب العربي، إننا أمة تضعف لكنها لن تموت، تكبوا ولكنها كالعنقاء تعود من جديد لتمارس دورها و ريادتها، إذا صدق أبناؤها المخلصون الصادقون الأوفياء.