تغريد إبراهيم الطاسان
في جلسته الأسبوعية، ثمّن مجلس الوزراء حصول طلاب وطالبات المملكة على جوائز رفيعة في المعرض الدولي للعلوم والهندسة (آيسف 2025)، مؤكدًا أن هذا التميز يعكس ما توليه الدولة من اهتمام بالغ بالتعليم، وما تغرسه من قيم الإبداع والابتكار في أجيالها الصاعدة.
ويأتي هذا الإنجاز تتويجًا لدعم القيادة السخي واهتمامها المتواصل بالتعليم، بوصفه ركيزة رئيسة في مشروع النهضة الوطنية. فباسم كل مواطن، تُرفع أسمى عبارات الشكر والتقدير لكل طالب وطالبة رفع اسم المملكة عاليًا في هذا المحفل العلمي العالمي، ولكل معلم ومشرف وأسرة ومؤسسة تعليمية أسهمت في صناعة هذا المجد.
لقد قطعت المملكة العربية السعودية خطوات واسعة في تطوير منظومتها التعليمية، بدءًا من تحديث المناهج، وتوسيع برامج الموهبة، وتبني استراتيجيات التعلم القائم على المشاريع والبحث العلمي، مرورًا بتمكين المعلمين والمعلمات، وتوفير بيئات تعليمية محفزة، وانتهاءً بتعزيز الشراكات مع المؤسسات العلمية العالمية.
كل ذلك مكّن أبناء وبنات الوطن من التميز في محافل دولية مرموقة، كمعرض آيسف، الذي يُعد أحد أكبر التظاهرات العلمية لطلاب المرحلة ما قبل الجامعية في العالم.
ولم يعد حضور المملكة في هذه المحافل مجرد تمثيل رمزي، بل أصبح حضورًا تنافسيًا فاعلًا، يفوز فيه طلابنا بجوائز مرموقة في مجالات متنوعة، من الهندسة والذكاء الاصطناعي، إلى الطب والطاقة والعلوم البيئية.
لقد أثبت شباب الوطن أنهم ليسوا فقط متعلمين مميزين، بل مبتكرون قادرون على تقديم حلول واقعية لقضايا العصر، ومنافسة أقرانهم من مختلف دول العالم.
وهذا التميز النوعي ما هو إلا نتاج لإصلاحات تعليمية عميقة، استهدفت تحسين جودة التعليم، وتعزيز برامج الموهبة، وربط التعليم بمتطلبات الاقتصاد المعرفي، وتوسيع منهجيات التفكير النقدي والبحث العلمي في المراحل المبكرة.
ولعبت مؤسسة «موهبة» دورًا محوريًا في هذا المسار، من خلال اكتشاف العقول الواعدة ورعايتها، بالتعاون مع وزارة التعليم والجامعات الوطنية والعالمية، ما أوجد منظومة متكاملة لصقل الطاقات وصناعة النماذج الملهمة.
لقد أصبحت مشاركات طلاب المملكة في المسابقات الدولية خلال السنوات الأخيرة سمة متكررة، يتقدم فيها أبناء الوطن بثقة، ويعودون بإنجازات تُسجل باسم المملكة، مثلما حدث في «آيسف»، و»الفيزياء الدولية»، و»الرياضيات الأولمبية»، وغيرها من المحافل التي تشهد على نضج التجربة التعليمية السعودية.
وهذا الاتساع في خارطة التميز يؤكد أن المسألة لم تعد استثناءً، بل أصبحت سمة وطنية متكرسة، تشمل مختلف المناطق والمدارس، في القطاعين الحكومي والخاص.
كما أن دعم الأسرة، والتدريب المبكر، وبرامج الرعاية النوعية، أسهمت في تعميق ثقافة التميز وترسيخها كأحد ملامح الشخصية السعودية الجديدة.
إننا أمام تحول حقيقي في فلسفة التعليم، حيث لم تعد المدرسة مجرد مكان للتلقين، بل حاضنة لاكتشاف المواهب، ومنصة لإطلاق المشاريع البحثية، وممرًا نحو المنافسة العالمية.
ومع كل إنجاز جديد، تتكرس قناعة بأن رؤية السعودية 2030 تسير بثبات، وأن الاستثمار في الإنسان السعودي هو الخيار الأذكى والأجدى.
ولا يمكن الحديث عن هذا النجاح دون استحضار الجهود المتكاملة التي قادتها وزارة التعليم ومؤسسة موهبة والجهات الداعمة والمجتمع بأسره، في سبيل تمكين هذا الجيل وتمهيد طريقه إلى آفاق العالمية.
فالمستقبل يبدأ من اليوم، وما نراه من براعة شبابنا هو امتداد لرؤية واعية تدرك أن العلم والابتكار هما لغة العصر، وأن أبناء المملكة هم خير من ينطق بها في المحافل الدولية.
وفي الختام، ما يحققه طلابنا في ميادين العلم العالمية هو عنوان مشرف لمستوى تعليمنا، ورسالة واضحة بأن المملكة تسير بثقة نحو الريادة، ليس فقط في الاقتصاد والسياسة، بل في صناعة المعرفة، وتستحق القيادة الشكر على ما وفرته من بنية تعليمية رائدة، مكّنت أبناءها من تمثيل وطنهم بأبهى صورة، ورفعت رايته في فضاءات التميز العالمي.