بدر الروقي
في مثـل هذه الأيّام تنشط مناسبات الزواجات، والتي توافق عطلة العيد، فتكون الفرصة سانحة ومواتية للاجتماع والالتفاف الحميم بين العائلة القبَلِيَّة، بل وأصدقاء الدراسة في مراحلها المختلفة، فربما انقطعت بهم اللقاءات لفتراتٍ طويلة؛ إمَّا لمشاغل الحياة المتراكمة، أو للظروف الجغرافية الصعبة، وأيـًّا كانت تلك الظروف.
(فمناسبات الزواجات) جسر تواصل، ونقطة تجمع تنهمِـرُ في ساحها ابتسامات الشوق، وتنتشر في أجوائها مشاعر الأخوة فلا صوت يعلو على لسان يرسل باقات السلام والاطمئنان المتبادل، ولا إنصات إلا نحو أسئلة حميمية حاضرة في هذه الساعة المباركة.
وقد قيل: إن أهداك وقتك ساعة، فاجعلها للجماعة.
وأنت في تلك الأجواء الفرائحية ترسل بصرك فلا يقع إلا على اثنين يتجاذبان الحديث، أو مجموعة يتبادلون النقاشات فيما بينهم، فلا أعتقد أن هناك ما يُكدِّر صفو أحاديثهم، وحسن مجلسهم إلا (منبر الزواجات) وبرامجه التقليدية، وفقراته المتكررة!
هذا الاعتقاد لم أستطع إبداءه لأحد الأحبة حينما طلب مني تقديم حفله المنبري في زواج أبنائه، وبالرغم من إيماني بفكرة إلغاء المنابر الخطابية في مناسبات الزواج منذ وقتٍ طويل إلا أني وافقت ووقفت، ثم جعلت لقولي حلاوة، وعليه طلاوة، وأطنبت وواريت واستعرت، وبرغم هذا إلا أن القلوب انفضت من حولي؛ لتنشغل بمن حولها، وما كان هذا ليحدث لو أن (منابر الزواجات) امتلكت أهم عناصر المنبر وهي (إنصات المتلقي) وإن كان صعبًا بل مستحيلاً في هذه الأجواء الصاخبة.
هذا باختصار ما يفتقدهُ (منبر الزواجات) لا كغيره من المنابر الأخرى التي تمتلك إنصات المتلقي، وحضور ذهنه، فتكون ذات أثر وإثارة.
فهل آن الأوان لإلغاء فكرة منبر الزواجات؟