فضة حامد العنزي
- قَصٌّ
قالت له: سأتركك.
قال لها: ولِمَ؟
قالت له: هو قَصٌّ لبقية جذور..!
قال لها: بل لتنمو!
- من اللحظة
قالت له: يضرُّك وتفعله؛ يشينك وتتبعه؟!
قال لها: وما هو؟ لا أظن!
قالت له: بلى؛ الدخان!
قال لها متعجبًا: صدقتِ!
قالت له: إذن دعني!
قال لها: لِمَ؟
قالت له: لأنّ الدخان أهمُّ مني!
قال لها: كيف؟!
قالت له: أنفعك وتتجاهلني، أجمّلك وتبتعد عني!
قال لها: من اللحظة لا دخان! ومن اللحظة ودّ.. ثم بكى!
فقامت واحتضنته.
- الطقس
قال: الطقس بارد.
قالت له: إياك أن تجعل جوفك مشتعلًا والماء فيك وحولك.
قال لها: كيف؟
قالت له: ابتعد عن الغضب ما استطعت سبيلًا.. رافق الحلماء ليساعدوك.. وكن حليمًا حكيمًا، ولا تجعل الحدث الذي يستفزّك يستقرّ في قلبك أو يعميك أو يصمّ أذنيك.
- فيلسوف
بعدما أحسّ إحساسًا -دخله غرور- أنه فيلسوف وانتفخ ريشه، قال لها: دعي عنك حبَّ المظاهر.
قالت له: أنت أول مظهر خادع!
- وقفات أخت
بكت بصمت، بعدها بكت بصوت، وشيئًا فشيئًا علا صوت النحيب وملأ مسامع قلبي ولامسني.. هي ما زالت تتألم من حزن يسكن قلبها ويدمع عينيها.. فمسحتُ دموعها بيدي وضممتُها بإحساس مفعم بالحب؛ فكل ما تحتاج إليه هو وقفات أخت لا وقفات مصالح.
- جمرة ظلم مشتعلة
كلَّ ليلةٍ يئنّ والناس رقود.. ففي قلبه لا تزال جمرة ظلم مشتعلة.. تخبو مرة وتشتعل مرات، وتخبو مرة أخرى وتشتعل مرات، وهكذا تدور الدائرة وتزعجه فكرة التوالي إلى أن عفا وسامح بعضًا منهم وارتاح.. وأصبح أفضل مما كان عليه بكثير حتى أصبح صديقًا جيدًا للنهار.
- فما أعظم الأم!
طفلان في فراش واحد وغطاء واحد يعيشان الفقر، هذا يجرّ اللحاف القصير نحوه ويتلفّف به؛ ليدفئ نفسه من البرد، وأخوه الآخر يجرّ اللحاف نحوه ويتلفّف به؛ ليدفئ نفسه أيضًا!
صارت أصوات مشاكستهم تعلو؛ فسمعتهم أمهم وعلمت بالأمر، ورقَّ قلبها ورحمتهم فأعطتهم لحافها الكبير وزمّلتهم به ليدفؤوا هم بلحافها من البرد، وأخذت لحافهم الصغير؛ تتغطى به، وبقيت تعاني البرد.. فما أعظم الأم!
- الغذاء أنواع
بينما كان الأب جالسًا على مائدة الإفطار في الصباح..
كان الابن جالسًا على مائدة الحاسوب!
وبينما الأم جالسة على التلفاز..
كانت البنت ممسكة بهاتفها النقّال!
الأب يتغذّى صحيًّا.
والابن يتغذّى فكريًّا.
والأمُّ تتغذّى بصريًّا.
والبنت تتغذّى سمعيًّا.
كلُّهم يتغذّون، وهم وحدهم من يحدّد نوع الغذاء: المفيد أو الضارّ.
- الاحتياج
قال الطفل لأبيه: أتحبُّ أمّي؟
ردَّ الأب: اسأل أمَّك!
الطفل لأمِّه قائلًا: أتحبّين أبي؟
ردَّت الأمّ: اسأل أباك!
الطفل للخادمة باكيًا: لا أحد يحبّني.. لم أجد كلمة حب!
الخادمة للطفل متأثرةً: أنا أحبّك!
- هشاشة
قيل عنها قويّة، وذكيّة، وإقناعُها صعبٌ؛ فلمّا قال لها شابٌّ كلمةً واحدةً على الهاتف -مجترئًا- اقتنعت أنه يحبُّها؛ فضرب بذكائها وكُلِّ صفاتها عرض الحائط وبانت هشاشتها.
- نار الغضب
وقت غضبه قال لها كلامًا مؤلمًا لم تسمعه منذ تزوجَتْه، حينَها تسرّعت وقالت له: إذن اتركني!
تريَّثَ واستدركَ وقال لها: ما يقال وقتَ غضبي لا يخرج من قلبي، بل يخرج من نار الغضب! فابتسمت وقالت له: إذن لا تحرقني!