فهد المطيويع
بعد ثلاثة أشهر من الشد والجذب، والتأجيلات التي أنهكت المتابعين وأربكت المشهد الرياضي، انتهت أخيرًا قضية احتجاج نادي النصر على نظيره العروبة، وخرج النصر منتصرًا كعادته، مؤكدًا أنه فريق لا يجارى خارج الملعب، ولو أن هذه القوة القانونية والتنظيمية التي يتمتع بها امتدت إلى الجوانب الفنية والبدنية والذهنية داخل المستطيل الأخضر، لكان النصر قد اكتسح الجميع، وحقق الانتصار داخل الملعب وخارجه على حد سواء.
هذه القضية، ورغم بساطتها من الناحية القانونية ووضوحها كما يراها البعض، تحولت إلى واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا في الموسم، لم تكن قضية عابرة، بل تحولت إلى حقل ألغام إداري وقانوني، تنقلت بين عدة لجان وهيئات، وتعثرت عند كل محطة، لا بسبب تعقيدها الحقيقي، بل ربما بسبب تردد البعض أو خشيتهم من اتخاذ قرار وتحمّل تبعاته.
وكما يُقال: (أن تصل متأخرًا خير من ألا تصل أبدًا)، لكن يبقى السؤال: لماذا صدر القرار في اللحظة الأخيرة، قبل نهاية الدوري بيوم واحد؟ ألم يكن من الممكن حسمه قبل شهر أو شهرين على الأقل؟ هل كان دخول الهلال على خط التأثير هو ما عجّل بالحسم؟ بصراحة من الصعب تجاهل أن وجود ناد بحجم الهلال في المشهد أضفى طابع الاستعجال على ما كان يؤجّل بلا مبرر.
من وجهة نظري، يبدو أن دورينا الفخم، الذي صرفت عليه المليارات، يعاني من تشوّهات عميقة شوّهت ملامحه الجميلة، ما بين تنظيم باهت وتحكيم محبط، ولجان تعجز عن حل المشكلات البسيطة، وقرارات تتأخر حتى تفقد قيمتها، تتضح معالم خلل إداري واحترافي كبير. ومما يزيد الطين بلة، أن بعض من يتولون مسؤولية إدارة هذا المشهد يفتقرون للحس الرياضي، وفاقد الشيء لا يعطيه كما نعلم.
حتى في ملف التعاقدات، الذي يفترض أن يُدار باحترافية، تظهر فيه ثغرات واضحة، بعضها يعود لنقص الخبرة، وبعضها الآخر لقلة الحيلة أمام المواقف المعقدة. كل هذا يضعنا أمام واقع يحتاج إلى مراجعة شاملة، لا مجرد ترقيع.
أما على صعيد الاحتجاج ذاته، فقد وضع هذا القرار الهلال في موقف لا يحسد عليه: إما أن ينتزع بطاقة التأهل إلى بطولة النخبة الآسيوية بفوزه على القادسية، أو يعيد إلى أذهان الجماهير مشهد «خليجنا واحد» الشهير. القرار الآن لم يعد بيد اللجان، بل هو في أقدام اللاعبين، وفي عقل المدرب محمد الشلهوب، الذي يملك الخبرة الكافية للتعامل مع مثل هذه الضغوط.
الهلاليون (ما شاء الله عليهم) اعتادوا مواجهة القرارات المحبطة، التي غالبًا ما تظهر قبيل الأعياد والمناسبات، لكنهم أيضًا اعتادوا الرد في الميدان. لذلك، أتوقع أن يكون ردهم الحقيقي على ما جرى هو حسم النقاط الثلاث أمام القادسية، ليكون لسان حالهم بعد المباراة: (بل القرار واشرب ميّه).
في نهاية المطاف، لا يصح إلا الصحيح. وبكل ثقة، أقول إن آسيا لا يمكن أن تحضر دون الهلال، فهو زعيمها وتاج رأسها، وغيابه ليس خيارًا مقبولاً لا فنيًا ولا جماهيريًا، فالهلال حيثما حضر، حضرت القيمة، والمنافسة، والتاريخ.