رسيني الرسيني
يمثل سوق التأمين السعودي أكثر من ثلث حجم قطاع التأمين في الدول العربية مجتمعة، وهو أمر غير مستغرب بسبب أن التأمين مرآة لاقتصاد البلد. ففي المملكة - ولله الحمد - تكاد لا تجد قطاعاً إلا ومعه حديث عن تطور ملحوظ، مما ينعكس على قطاع التأمين بالضرورة ويزيد الطلب عليه. أما الحديث عن المستقبل المتوقع لقطاع التأمين فلا يمكن فصله عن برنامج تطوير القطاع المالي - أحد أهم برامج تحقيق رؤية 2030 -. فتوجه سوق التأمين المستقبلي يتكامل بشكل مباشر مع أهداف البرنامج، سواء من حيث تعزيز الشمول المالي، أو دعم الاقتصاد الوطني، أو التوسع في الحلول التأمينية لخدمة القطاعات الأخرى.
برنامج تطوير القطاع المالي يستهدف رفع مساهمة قطاع التأمين من الناتج المحلي، وذلك مدعومًا بعدد من المبادرات والمستهدفات في البرنامج الذي أجزم أنها ستشكل مستقبل قطاع التأمين، ولعل أبرزها تطوير الأنظمة واللوائح. ومن أجل ذلك، نجد هيئة خاصة تُعنى بقطاع التأمين حاليًا. وبناءً عليه، عملت الهيئة مؤخرًا على إصدار وتحديث عدد من القواعد والضوابط. ومن المتصور أن تستمر وتيرة المراجعة والتحديث سواء على نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني أو اللوائح المنبثقة والتعاميم ذات العلاقة ليتواكب مع ديناميكية القطاع، إذ إن مواكبة التشريعات وآلية الرقابة تُعد حجر الزاوية لتمكين أصحاب المصالح في قطاع التأمين وتحقيق استجابة مرنة لتغيرات السوق.
إلى جانب ذلك، يتجه سوق التأمين إلى دعم وتعزيز التخطيط المالي، وذلك عن طريق تحفيز الشركات لإطلاق منتجات ادخارية محفزة للأفراد، وهو أمر مشاهد أثره في التقرير السنوي الأخير وذلك بتحسن أرقام منتج الحماية والادخار بشكل لافت، إذ يمثل الآن 10% من حجم السوق، بينما كان يمثل حوالي 3% فقط قبل عام وأقل من هذه النسبة في الأعوام السابقة. كما يتوقع أن تزيد مساهمة قطاع التأمين الصحي والمركبات، وذلك من خلال تعزيز تنفيذ التأمين الإلزامي بشكل يساعد على تقليل نسبة التكلفة إلى الدخل، مما ينعكس إيجابيًا على تقديم المنتج بأسعار عادلة للعملاء.
بالإضافة إلى ما سبق، متوقع زيادة عمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع التأمين وهي إحدى المبادرات لخلق كيانات ذات ملاءة أقوى لخدمة السوق وزيادة الكفاءة التشغيلية والتوسع في الحصة السوقية، بالإضافة إلى زيادة قابليتها لتحمل المخاطر. كما أن هذا الأمر سينعكس إيجابيًا على قدرة الشركات في أتمتة أعمالها، وهو أمر آخر ستتجه له شركات التأمين والخدمات المساندة بشكل يتوافق مع إستراتيجية التقنية المالية التي تهدف إلى أن تكون المملكة موطنًا للتقنية المالية.
تجدر الإشارة إلى المحفزات المتصورة في السنوات القادمة مثل: استضافة الأحداث العالمية والمشاريع الكبرى التي ترى أن السوق سيتضاعف حجمه في المستقبل القريب.
حسنًا.. ثم ماذا؟
قطاع التأمين يمضي بخطى واثقة نحو مرحلة أكثر نضجًا وتنوعًا، مدعومًا برؤية طموحة لتعزيز دور القطاع كمكون أساسي في الاقتصاد الوطني.