د.شريف بن محمد الأتربي
تظل القيادة حلمًا ومطمحًا لكثير من الناس بغض النظر عن قدرتهم على ذلك، وتوافر المعارف والمهارات لديهم المساعدة على تولي القيادة وخاصة في الظروف الصعبة. فالكثير - إن لم يكن الأغلب - من الناس يرى نفسه قائدًا ماهرًا لم ينل فرصته، وأنه بمجرد توليه القيادة سُيري من حوله قدراته الكامنة، وخبراته الفائقة، وهؤلاء غالبًا ما يكون الفشل هو ناتج قيادتهم.
فالقيادة فن وعلم اختلطا معًا ليكوِّنا شخصية فريدة من نوعها تمتاز عن غيرها بما تملكه من مجموعة متنوعة من المهارات والقدرات، وهناك أنماط عديدة من القيادة، مثل القيادة الديموقراطية، والقيادة الأوتوقراطية، والقيادة التحويلية، و.. غيرها من الأنماط، لكن هناك أنماط من القادة يصعب تصنيفهم ضمن نمط معين من هذه الأنماط، إما لأن نمطهم ناجح جدًا فشمل كل المميزات الموجودة في أنماط القيادة، أو أنهم فاشلون بدرجة امتياز، حيث شملت قيادتهم كل أسْواء الأنماط الأخرى.
عندما يتبنى القائد منظورًا موحدًا يعتقد من خلاله أنه يعرف كل شيء فإنه يدمر كل من حوله، ويصل لأسوء النتائج بأسرع مما يمكن. فالقائد ذو التوحد الفكري، هو القائد الذي يعتقد أنه يملك كل الإجابات وأفضل الحلول، حيث يتجاهل آراء الآخرين وأفكارهم، مما يحد من الابتكار ويقيد القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة.
هذا التوحد الفكري له تأثير شديد الخطورة على القيادة، حيث يؤدي إلى تجاهل التنوع، وعدم الاستفادة من تنوع الآراء والخبرات داخل الفريق، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة، وغالبًا ما تكون خاطئة. فالقائد المتوحد فكريًا يقود فريقه إلى الشعور بالإحباط عندما يتم استبعادهم من المشاركة في القيادة واتخاذ القرار، مما يقلل من حافزهم للعمل ويؤثر سلبًا على الروح المعنوية للفريق بأكمله.
عندما يكون القائد متوحدًا فكريًا، فإنه يفشل في التكيف مع متغيرات عالم الأعمال الذي يتغير بسرعة فائقة، مما يؤدي إلى تراجع الأداء وفقدان الفرص، بل إنه يمكن أن يقضي على الكيان كله، بما تشمله كلمة كيان من معان متعددة.
القيادة تتطلب صفات خاصة لدى القائد، منها المرونة والقدرة على الاستماع والتعلم من الآخرين، فالتوحد الفكري يمكن أن يكون عائقًا خطيرًا أمام النجاح، بل إنه أحد مؤشرات الفشل التي يجب أن يتم تداركها فورًا من خلال تبني نهج أكثر انفتاحًا وتقديرًا للتنوع، حيث يمكن للقائد خلق بيئة عمل أكثر إبداعًا وإنتاجية وتعاونًا مع فريقه، مما يدعم خطوات التقدم والنجاح، حتى وإن كانت بطيئة، إلا أنها صحيحة.
وأخيرًا، القيادة ليست قائمة على معرفة كل شيء، بل قائمة على القدرة على التكيف والتعلم من الآخرين.