سلمان بن محمد العُمري
ليس عاماً بعد عام آخر بل في كل أسبوع وشهر يشهد الحرمان الشريفان، والمشاعر المقدسة أعمالاً تطويرية متلاحقة، ويلمس الحاج والمعتمر والزائر التسهيلات والخدمات المقدمة له طوال الأربع والعشرين ساعة في مساحات محدودة، ومكان ثابت لا يتغير، ويستمر ولله الحمد هذا العطاء والبناء والجهود بلا كلل ولا ملل.
إن من شرُف بخدمة ضيوف الرحمن في السنوات الماضية يلمس عن قرب الجهود الكبيرة المبذولة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية التي تستشعر قيمة هذا التشريف العظيم، وتعتز به تكليفاً كريماً؛ فمنذ توحيدها على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، مروراً بأبنائه البررة الكرام -رحمهم الله- وحتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وبمتابعة دقيقة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، والتطوير والتجديد قائم ومتجدد ولم يكن فى البناء والتشييد فقط، بل في الأنظمة والتشريعات، وسن القوانين، وتفعيل التقنية، مع تأهيل الكفاءات الوطنية لخدمة ضيوف الرحمن، وتلك الأعمال الجليلة الوضاءة تحتاج إلى سجلات لتسطيرها، والاستعدادات لكل موسم حج يبدأ منذ انتهاء الذي قبله حيث يتم تقييم الأعمال من قبل الجهات المختصة، ورصد الملحوظات إن وجدت لتلافيها في المستقبل، وإضافة الجديد والمستحدث الذي يعين الحاج على أداء نسكه بكل يسر وسهولة.
إن ضيوف الرحمن يمثلون لوحة إيمانية عظيمة تجسد المعنى الحقيقي للمساواة والتجرد، يؤدون المناسك كلها إعلان بالعبودية الخالصة لله، من طواف بالكعبة، وسعي بين الصفا والمروة ووقوف بعرفة، أو مبيت بمزدلفة ومنى، ورمي الجمرات، وهي لوحة لا مثيل لها في روعتها وغاياتها وضخامة مفرداتها، التي صهرت كل الألوان والأعراق والألسنة في بوتقة واحدة يصعب فيها التمييز بين مسلم وآخر؛ فالجميع تجرد من زينة الدنيا ومفاخرها، وارتدى لباس الإحرام ملبياً ومههلاً ومكبراً، وشاكراً لله -سبحانه وتعالى- أن أنعم عليه بأداء فريضة الحج، والذي عليه أن يتفرغ للعبادة، ويحمد المولى عز وجل أن يسر له أداء الفريضة بكل يسر وسهولة؛ فلله الحمد والمنة.
وأمام الجهود العظيمة التي تقوم بها حكومة خادم الحرمين الشريفين في العناية والرعاية والاهتمام بضيوف الرحمن يخرج كل عام مع قرب موسم الحج الناعقون من الأبواق المأجورة الحاقدة، بشن حملاتهم المسعورة التي نعرف أهدافها ومضمونها، وهو افتراء ليس بالجديد، حيث الانغماس في الكذب والتزييف، الذي تفوح منه روائح الحقد الدفينة، وتتعالى منه أصوات الكرة والضغينة، وأنه لحري بكل مسلم أن ينقل الصورة الحقيقية لما شاهده ولمسه من أرض الواقع عما قدم ووفر له من خدمات كبيرة، وإمكانيات عالية، وطاقات بشرية عظيمة تعمل لخدمتهم، لأن ذلك من خلق المسلم المؤمن، وإن المملكة العربية السعودية بكافة أجهزتها ترحب بكل رأي ومقترح بناء يساعد ويسهم في عمليات التطوير والتجديد المستمرة.
تقبل الله من الجميع صالح الأعمال.