خالد بن حمد المالك
من الواضح أن إسرائيل لا تريد وقفاً لعدوانها في غزة، وتصر على استمرار حرب إبادتها للمواطنين الفلسطينيين، حتى الهدنة التي يفترض أن تمهد لوقف دائم للحرب لا تقبل بها تل أبيب، وكل هذه المفاوضات هي من باب كسب الوقت للسيطرة على قطاع غزة، حتى ولو تعرض الرهائن لدى حماس للموت.
* *
حكومة إسرائيل لها مكاسب من إطالة الحرب، مكاسب شخصية لرئيس الوزراء الذي تنتظره محاكمات داخلية وخارجية، ومكاسب للحكومة المتطرفة الإرهابية في استمرارها لتنفذ مخططها الإجرامي في التوسع، وإنهاء أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مجاورة، وفقاً للقرارات الدولية التي تنص على حق الفلسطينيين في دولة لهم.
* *
ورغم كل التنازلات التي تقدمها حماس للوصول إلى اتفاق ينهي الحرب، ويسمح للجانبين بتبادل الأسرى، فإنه ليس وارداً لدى إسرائيل القبول بأي مقترح ينهي الحرب دون احتلالها للقطاع، والقضاء على حماس، وإخلاء غزة من السلاح، وطبيعي الرفض لقيام دولة فلسطينية.
* *
ويتكوف قدَّم آخر مقترح راعى فيه إقناع إسرائيل بأن تستجيب له، خاصة وقد وافقت حماس عليه، غير أن إسرائيل سارعت بالرد الرافض، كما هي عادتها، ما جعل المبعوث الأمريكي يصرِّح ربما لتبرير الرفض الإسرائيلي بأن حماس شوَّهت العرض.
* *
ومع أن الرئيس الأمريكي صرح بأنه متفائل بالاقتراح الجديد، ومن التمكن من إغلاق الفجوة بين إسرائيل وحماس، إلا أن سلوك إسرائيل، وسياساتها في استثمار الوقت للحصول على مزيد من التنازلات إلى حد التسليم بكل مطالبها لا يعطي فرصة للتفاؤل، بل إن رفع سقف عدوانها يظهر ما خفي من نوايا أطماعها دون القبول بأي حل لإيقاف القتال.
* *
إن وقف إطلاق النار لستين يوماً كما هو المقترح الجديد لا يضمن الانتقال إلى وقف دائم لاعتداءات إسرائيل على غزة، ولا يضمن حتى خلال الشهرين من أن لا تقوم تل أبيب بتوجيه ضربات على القطاع، فضلاً عن تنفيذ شروط الاتفاق، وخاصة في إدخال المساعدات الغذائية إلى المواطنين.
* *
لقد باتت إسرائيل ترفض الضغوط الأمريكية، ولا تقبل بما تراه واشنطن من إيقاف حرب الإبادة، سواء باستخدام القوة العسكرية المفرطة، أو من خلال التجويع، لأن أحداث السابع من أكتوبر أعطت العدو الفرصة والتبرير والقوة ليفعل ما يشاء، دون وجل أو خوف أو إنسانية.
* *
وفي ظل هذا القتل الممنهج، فقد أصبح العالم اليوم، وأكثر مما كان أمام مسؤولياته في منع إسرائيل من استمرار قتلها للمدنيين الأبرياء، من نساء وأطفال، إن لم يكن بالحوار فبالقوة العسكرية، وعدم ترك هذا الملف الخطير بيد الولايات المتحدة الأمريكية، التي هي جهة غير عادلة، ولا تقف على مسافة واحدة بين الطرفين، فنحن أمام مجزرة لا سابق لها في التاريخ.
* *
إن وزيري المالية والأمن القومي العنصريين الدمويين في حكومة نتنياهو لن يقبلا بأي حل وأي مقترح لإيقاف القتال، ويهددان بإسقاط الحكومة بانسحابهما منها إذا ما فكر رئيس الوزراء في ذلك، وهما يدركان أن نتنياهو تقتضي مصلحته الشخصية البقاء على رأس الحكومة حتى ولو كان ذلك على حساب دماء الفلسطينيين وجثامينهم الممزقة.