محمد العويفير
في موسمٍ تتشابك فيه خيوط التحدي، وتتعدد فيه الطموحات، خرج الاتحاد من رحم الترقب إلى منصة التتويج، حاملاً لقب الدوري الذي لم يأتِ صدفة، بل جاء نتيجة لتوليفة نادرة من العوامل، بعضها ظاهر للجمهور، وبعضها الآخر مخبوء خلف الكواليس.
ليس هناك ما هو أقوى من فريقٍ يعرف من هو، الاتحاد هذا الموسم لم يكن مجرد فريق يسعى لحصد النقاط، بل كان فريقًا لديه هوية واضحة: نحن هنا لنفوز لأننا الاتحاد، هذه الرسالة وصلت للخصوم قبل أن تصل للجماهير، هوية الفريق ظهرت في ردود أفعاله وفي هدوئه تحت الضغط، وفي طريقته في التعامل مع اللحظات الكبيرة، كما أن أحد أكثر الأسباب إبداعًا في تفسير فوز الاتحاد هو التناغم الداخلي والكيمياء التي بين اللاعبين، التفاهم غير المعلن بين الحارس والمدافعين، بين خط الوسط والمهاجمين، وكأنه فريق تربى في بيتٍ واحد، لا حديث عن أنانية ولا تنافسية سامة، فالفريق بدا وكأن كل لاعب يلعب من أجل الآخر لا على حسابه. ووسط كل هذا الإبداع لا يمكن إغفال تأثير النجم الفرنسي كريم بنزيما، ليس فقط بأهدافه الحاسمة بل بما هو أعمق من الأرقام، بنزيما مارس دور «القائد الهادئ»، ذلك الذي لا يصرخ في زملائه بل يُلهمهم، وجعل من حوله يلعبون برأس مرفوع، وبقلب لا يخاف. وخلف هذا المشروع الناجح يقف رجل لم يظهر كثيرًا أمام الكاميرات لكنه كان العبقري الذي رسم المعادلة: رامون بلانيس، المدير الرياضي ببصيرةٍ كروية فريدة، والذي أعاد بناء الفريق دون ضجيج. تعاقدات ذكية، لم يكن مجرد مستقطِب للاعبين، بل كان صانع رؤية، يرى المستقبل قبل أن يراه الآخرون. نجاح الاتحاد هذا الموسم لا يُفهم بالكامل دون ذكر بصمته المحورية.
الاتحاد لم يفز لأنه نسي إخفاقاته السابقة، بل لأنه استفاد منها بذكاء، فالخروج من منافسات سابقة وضياع الدوري في مواسم سابقة لم يكن مجرد جرحٍ عابر، بل كان درسًا استُوعبه الجميع، الفريق لعب هذا الموسم، وكأنه لا يُريد فقط الفوز، بل يُريد التكفير عن مواسم ماضية، وهذا الحافز النفسي الخفي كان من أقوى أسلحته.
رسالتي:
لم يكن الاتحاد هذا الموسم يلعب بـ11 لاعبًا فقط، بل بروح المدرج، وهو سلاح لا يُرى، لكنه يحسم المباريات، يبقى الاتحاد مثالاً لفريق لم يفز لأنه الأقوى فقط، بل لأنه كان الأصدق مع نفسه.
** **
- محلل فني