د. عيسى محمد العميري
إن مخاطر الذكاء الاصطناعي التي يجري الحديث عنها بين فينة وأخرى ليست توهمات ولا مخاوف تنتاب عجائز خائفين من التغيير، ففي صدر بيان قبل فترة عن كبار الباحثين ومديري الشركات العاملة في مجال التقنية، ينبّه إلى المخاطر الوجودية التي ربما تنجم عن التوسع المنفلت في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وهي مخاطر يتوجب أن تؤخذ بالاعتبار عند المعنيين بحقل الذكاء الاصطناعي، وفي نفس الوقت عند مستخدميه من العامة. وبالعودة إلى ما بدأنا به، فقد اقترح بعضهم أن يتم التركيز على العلاقة بين الكفاية المعيشية والميول السلمية عند البشر. ولتوضيح مانقصده بشكل أكبر، دعْنا نبدأ بالسؤال الآتي:
هل نتوقع أن يساعد الذكاء الاصطناعي على ازدهار الاقتصاد ومصادر المعيشة أم العكس؟ غالبية الناس سيأخذون الجانب الإيجابي، ويستذكرون النمو الهائل للاقتصاد، بعد تطور نظم المعلومات والاتصالات الإلكترونية، رغم ما رافقها من مخاوف بشأن خسارة الناس وظائفهم. نعلم اليوم أن سرعة التواصل بين الناس هي سر الازدهار والتوسع. وبالتالي فإن الازدهار يوفر فرص عمل جديدة وموارد غير معروفة، ويعزز رغبة البشر في التفاهم والتعاون، الأمر الذي يقلل من النزاعات والحروب إلى حد ما، وهذا هو الوجه الإيجابي الذي ننطلق منه في مناقشة الموضوع. هذا يُحيلنا -بطبيعة الحال- إلى سؤال ضروري: ما دام الناس جميعاً عارفين بما سيأتي مع الذكاء الاصطناعي من ازدهار، فلماذا نراهم أكثر قلقاً!؟ ومن ناحية أخرى نقول في تقديرنا الشخصي أن السبب الوحيد لهذا القلق يعود إلى معرفة الجميع أن السرعة الفائقة للأنظمة الجديدة لا تسمح لهم بالسيطرة على أفعالها، سواء كانت مقصودة أم جاءت عن طريق الخطأ! وفي توضيح أكبر وضمن سياق الأمثلة فإن هناك خبراً ورد قبل فترة في إحدى الدول المتقدمة والمعتمدة على الذكاء الاصطناعي.. صدمت سيارة ذاتية القيادة شخصاً أدى لأن يلقى حتفه! وبشكل صادم وغير متوقع بتاتاً، مع العلم بأن تلك السيارة مصمَّمة كي لا تفعل ذلك. بل وخضعت تلك السيارة تحديداً لعشرات بل ومئات من التجارب الميدانية. وبطبيعة الحال فإن هذا خطأ جسيم . لكن مَن يستطيع استدراك الخطأ قبل أن يُفضي إلى كارثة؟ ومن جانب آخر أيضاً فإنه لابد من الإشارة إلى المراقبين المختصين بتكنولوجيا المعلومات التقنية العاملة في حقل الذكاء الاصطناعي حيث أشاروا إلى عاملَين يجعلان الاحتمالات السلبية أكثر إثارةً للقلق، أولهما هو التغذية - البرمجة المنحازة، التي لا يمكن تلافيها على أي حال، والآخر هو عجز الآلة الذكية عن التعامل مع الفروق الفردية، التي تعد أساسية في التعامل مع البشر المتنوعين. وبناء عليه نقول: إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي العاملة بجميع أشكالها تعطي نتائج غير مضمونة وهو أمر مخيف الى حد ما.
والله الموفق.
** **
- كاتب كويتي