د. ناهد باشطح
فاصلة:
«الحقيقة أن الأخبار ليست ما يحدث، بل ما يُقال إنه حدث»
Norman Cousins
***
أمضيت سنوات دراستي في الدكتوراة وأنا أحلل أخبار الصحف البريطانية عن المرأة السعودية، ولذلك أزعم أن لدي حساسية عند قراءة الأخبار التي تكتب خاصة عن مجتمعنا لأسباب عدة من أهمها عامل يسمى «ثقافة الصحافة» حيث تتسبب ثقافة الصحفي في التحيّز حين ينشر عن مجتمعات تخالف ثقافته.
لكني لم أدرس كيف يصيب التحيّز الصحافي العربي فينشر أخباراً مضللة عن مجتمعات عربية.
خبر صادم نشره الصحفي «Paul Crompton» بعنوان (السعوديون والمغاربة هم أكثر الخائنين وفقاً لما كشفه اختراق موقع.. كشف التسريب، الذي قامت به مجموعة قرصنة، تفاصيل 35 مليون مستخدم للموقع عبر الإنترنت).
الخبر يقدم أرقاما لأعداد المشتركين في مختلف الدول العربية لموقع يشجع على الخيانة الزوجية.
ما نشر موقع قناة العربية بالإنجليزية، لم يصدمني كونه من صحفي غربي إنما الذي صدمني أن ينشر في موقع STEPFEED بواسطة الصحافية اللبنانية «عزة المصري» المتخصصة في مجال المعلومات المضللة.
ربما رجعت الصحافية كما أشارت للتحليل الذي أجرته شركة المراقبة الفرنسية CYBELANGEL للبيانات التي تم تسريبها بعد اختراق الموقع في عام 2015 لكنني رجعت لموقع الشركة ولم أجد أي تقرير عن حادثة الاختراق وأرسلت لهم استفسر عن التقرير!
في مثل هذه الحالة على الصحافي الإشارة إلى أن تقرير شركة CYBELANGEL ليس رسمياً.
المثير أن عدداً من الصحف والمواقع الأجنبية نشرت عن حادثة الاختراق وسمعة موقع المواعدة السيئة دون الإشارة الى أرقام المشتركين وتصدر السعودية والمغرب لأعداد المشتركين، فلماذا «بول» و»عزة» اهتما بأرقام المستخدمين العرب وجعلا عنوان الخبر تهمة ارتفاع معدل الخيانة الزوجية في السعودية والمغرب؟!
بدءاً فإن كثرة أعداد المشتركين في موقع يشجع الخيانة الزوجية لا تعني الصاق تهمة الخيانة بالمشتركين وذلك لأن التسجيل في الموقع حسبما أشير في مقالات عدة لا يتطلب تأكيد الهوية أو إثبات الزواج، وكثير من المستخدمين قد يكونون دخلوا بدافع الفضول.
ثم إن المتصفحين من دول أخرى قد يستخدمون «VPN» سعوديًا أو مغربيًا، مما يُظهرهم وكأنهم من تلك الدول.
كما أن التحليلات المنشورة وفقا لشركة CYBELANGEL أظهرت أن نسبة كبيرة من الحسابات المسجلة لم تُفعّل، وبعضها لم يُستخدم قط.
الموقع المخترق هو موقع مواعدة تم إطلاقه في عام 2001، ويستهدف بشكل صريح الأشخاص المتزوجين أو المرتبطين الذين يبحثون عن علاقات عاطفية أو جنسية خارج إطار الزواج.
وهو محل شك في مصداقيته، حيث أكد المسلسل الوثائقي في نتفليكس عام 2024 أن معظم الأعضاء الذين ادعوا أنهم نساء في الموقع عام 2015 كانوا حسابات مزيفة!
ونشر موقع «BBC» بالعربية في 17 يوليو 2017 ان الشركة المالكة عرضت تسوية قضائية مع الأشخاص الذين رفعوا ضدهم قضايا بمبلغ 11.2 مليون دولار!
ما حدث مع خبر تسريب موقع المواعدة لبيانات المشتركين فيه يكشف أكثر من مجرد تسريب بيانات؛ إنه يكشف هشاشة تعامل الصحافة مع الأرقام، خاصة عندما تلامس ثقافة المجتمعات.
يكشف عن التسرع في الحكم، واختزال شعب بأكمله في رقم دون قراءة ما وراء الأرقام.
الأهم من كل ذلك، أن نسأل أنفسنا: من يصنع هذه الصورة عنّا؟ ومن يستفيد من تسويقها؟!
المصادر
- El Masri, Azza. «Ashley Madison hack reveals cheaters in the Arab world.» StepFeed, 21 August 2015.
- https://stepfeed.com/ashley-madison-hack-reveals-cheaters-in-the-arab-world-7413
- Crompton, Paul. «Saudis, Moroccans are the biggest «cheaters,» Ashley Madison hack reveals.» Al Arabiya English, 20 August 2015.
- https://english.alarabiya.net/variety/2015/08/20/Saudis-Moroccans-are-the-biggest-cheaters-Ashley-Madison-hack-reveals-