عبدالمحسن بن علي المطلق
هو مطلب حيويّ، وإن شئت وقلت حتمي، فلن تُمارى بهذا، والسند ما جاء في (سير أعلام النبلاء - ومن بقايا صغار الصحابة - عبد الله بن عمر- الجزء رقم3)
كتب رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما: أن اكتب إليَّ بالعلم كله. فكتب إليه: «إن العلم كثير، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس، خميص البطن من أموالهم، كاف اللسان عن أعراضهم، لازما لأمر جماعتهم، فافعل»..
نعم، العلم (كثير..) وكثرته أملت على الإمام أحمد يوم سُئل: إلى متى تطلب العلم؟، قال: (من المحبرة للمقبرة)، والشافعي ذكر هذه الكثرة ببيته المشهور..
وكلما ازددت علما
ازددت علما بجهلي
ولا حاجة لإيراد شواهد، فكفى بتلكم دليلاً ناصعاً حول (اتفاق) العلماء أن ليس للعلم حدّ، وعلى هذا الروي، سوف أورد من عذب الفكرة - موجزاً-:
بيوم سابق من الماضي القريب إبّان (نهضت) بلادنا الغالية به.. قد احتاج كثير من القطاعات إما تزويد موظفيها بما استجدّ وكيفية التعامل معه، أو حتى صقلهم فأقيمت دورات على نطاق محدد، ثم توسّع الأمر فأُنشئ لهذا كلّية (خدمة المجتمع).
وبالمناسبة ل»معهد الإدارة» يدٌ طولى في هذا الشأن، كما ولعل معهد (إعداد) القادة من هذا القبيل.. والحقيقة أن «التطبيقات» التي على أدوات التواصل (أبشر) نموذجاً.. اليوم هي تماثل تلك النقلة، وبالتالي الحاجة لمثل ما تقدّم، بل وربما أكبر، أقصد أوسع.. نطاقاً، عدا أن هذه المسببات هي أكثر الدلالات على تلك الحاجة، وهكذا نجد أن كل مُتطلّب مُدغم بما استجدّ، لا انفكاك أحدهما عن الآخر.. ثم إن في هذا مشاهد بالعين المجرّدة..
ك..بعض الأطباء تلفاه مكانك راوح!، وبالتالي أمسى خافت الذكر.. لا لسبب إلا أنه -هداه المولى تعالى - لا يحرص على تنمية ما لديه، إذ ومنذ تخرّج لم يفتح كتابا أو يشارك بدورة، فضلا عن مؤتمرات تدور في فلك تخصصه!، فهو قد حصر نفسه على شهادته وخبرته، وإن كانت الأخيرة - حتى لا نظلم- تُحسب له..
وعود إلى المرام الذي أعنيه هنا تحديداً.. أن لا تستكثر من موظف قد يعتذر منك لعدم علمه كيف يدار المجال الذي هو فيه الكترونيا، ليس لأنه وعفوا على الوصف (على طمام المرحوم) بل قد يكون للتوّ استلم الوظيفة، ألا فأعطه نفساً واذهب لزميله، بدلا من أن تميط عنك لثام شخصيتك الأخرى!
وكم تقابل في قطاعات من هو أعلى رُتبة وقد أحالك لمن هو دونه، وهذا التصرف يأتي مغلّفا.. حين يجيرّك مكتبه لموظّف آخر، متعذّرا أنه (جدا مشغول)، رح لفلان ..إلخ
ألا فقبل تلطّفه ولا تستقصي، فهو بأدب «حوّلك» لمن يُنجزك، وتواضع خفيّ أبداه.. فحواه أن فلان هو أفضل منه.. والمدرسة فيها أنموذج كاف وواف: فمدرّس تجده يبزّ المدير مثلاً في شرح المادة، لأن كل له مشربه، مما لا يعدّ أفضليةً لهذا، ولا استنقاصاً من ذاك..
لإيضاح ما تقدّم آنفا، ومن بين بنود (سبب) إنشاء تلكم كسند للتنمية والتطوير..
فأولاً حول (كليات خدمة المجتمع).. تهدف إلى:
تعزيز دور الجامعات في خدمة المجتمع وتنميته، وتوفير برامج التعليم المستمر والتدريب، وتطوير الموارد البشرية، وتبادل الخبرات، والتعاون مع المؤسسات المختلفة.
ثانياً نجد ذات السبب في.. تأسيس «كليات إعداد» القادة بهدف تطوير وتنمية المهارات القيادية لدى الأفراد، وتزويدهم بالمعرفة والخبرة اللازمة لتولي مسؤوليات قيادية في مجالاتهم. يشمل ذلك تطوير القيادات .. إلخ.
وثالثاً عن (معهد الإدارة)، فهناك أكثر من غرض..
1- رفع كفاية موظفي الدولة وإعدادهم علميًّا وعمليًّا لتحمل مسؤولياتهم وممارسة صلاحياتهم على نحو يكفل النهوض بمستوى الموظف.
2- دعم جهود الإصلاح والتطوير الإداري.
3- تقديم المشورة في المجالات الإدارية التي تعرضها الوزارات.
همسة
عن نافع: كان ابن عمر وابن عباس يجلسان للناس عند مقدم الحاج، فكنت أجلس إلى هذا يوماً، وإلى هذا يوما، فكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما سئل عنه، وكان ابن عمر يرد أكثر مما يفتي.