خالد بن حمد المالك
لا تصدقوا أن إسرائيل سوف توقف حربها، وعدوانها على غزة، حتى ولو تم الاتفاق معها على ذلك، فهي لا تلتزم ولا تحترم أي اتفاق يُبرم معها، هكذا يقول التاريخ، وهكذا تتحدث التجارب، والشواهد كثيرة، وموثَّقة، وصادمة لمن يريد أن يفتش عنها منذ تأسيس دولة إسرائيل وإلى اليوم.
* *
اتفاق الـ60 يوماً ما هو إلا للإفراج عن الرهائن لدى حماس، لا يفضي إلى وقف دائم للحرب، بل وربما لا يصمد حتى خلال الشهرين بعد استلام تل أبيب للرهائن، وبالتالي فهو لا يضمن عدم احتلال إسرائيل لقطاع غزة، ولا امتناعها عن تهجير السكان، موقف إسرائيل معلن: تجزئة القطاع، احتلاله، إخلاؤه من السلاح، طرد حماس، وتحرير الرهائن.
* *
إذاً لا قيمة لهدنة لمدة شهرين، هي فقط لحفظ ماء الوجه لحماس، فالاتفاق إن تم فهو بشروط إسرائيل، يلبي طلباتها، ولا يترك لحماس فرصة للمناورة، وهو الفصل الأخير لصالح العدو، فيما أسمته حماس بطوفان الأقصى، حيث ستضع إسرائيل يدها على كامل القطاع، وفق ما هو معلن من إسرائيل، وعدم ظهور ما يعارض ذلك جدياً من دول العالم.
* *
ومن الطبيعي أن تتواصل تنازلات حركة حماس، وتستجيب لمطالب إسرائيل، وتقبل بالحد الأدنى مما كانت تراه لتمرير أي اتفاق مع إسرائيل، فهي الآن بين ضغوط وتهديد من أمريكا، وحرب مدمرة من إسرائيل، مع حصار لتجويع الناس، ومنع الغذاء والدواء عنهم.
* *
حركة حماس في مفترق طرق، بين أن توافق على إملاءات إسرائيل، دون مكاسب كانت تنتظرها بعد حادث السابع من أكتوبر، وبين أن ترفض القبول بما هو معروض أمامها، حتى مع استمرار حرب إبادة إسرائيل للقطاع والسكان، مع علم حماس بأنه لم يعد لديها ما يمكنها من المناورة، والقدرة على الرفض، وما يحمي القطاع من سطوة إسرائيل.
* *
حتى الحالة الإنسانية الصادمة لا تحرك العالم للتضامن مع الفلسطينيين من أجل الضغط على إسرائيل لإيقاف عدوانها على قطاع غزة، وما هو واضح لي أن التصريحات المنددة أحياناً وعلى استحياء بسلوك إسرائيل، لا تعدو أن تكون للاستهلاك، وإزالة الحرج أمام جرائم إنسانية لا يتم فعلها حتى مع الحيوانات، مراعاة لأصدقاء الحيوانات.
* *
أما أن يكون الحديث عن دولة فلسطينية، فهذا موضوع معقد، وشأن يتسلَّى به العالم إن تحدث عنه، ويقول ظاهرياً عنه ما يتناقض مع ما يخفيه، وهذه سياسة استعمارية بامتياز، سياسة لا تحترم حقوق الشعوب في أراضيهم المحتلة، وتسمح بإيذاء المحتل لهم، دون حساب أو عقاب.
* *
ولا أحتاج إلى التذكير بأن الوسيط الفعلي لحل الصراع بين إسرائيل وفلسطين هو الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تخفي دعمها لإسرائيل، وأنها معنية بحمايتها، وجعلها الدولة البوليسية في المنطقة، والدولة العسكرية الأقوى بين دول المنطقة، وهي من تتفهم سياسة إسرائيل، وتعاضدها عليها، وتدعمها دعماً لا حدود له، ولمَ لا وإسرائيل شرطي أمريكا بالمنطقة؟!