م. سطام بن عبدالله آل سعد
لم تعد روابط المشجعين مجرّد حناجر للهتاف أو أذرعًا ترفع اللافتات والتيفو؛ فقد تجاوزت الجماهير هذه المرحلة، وأصبحت المدرجات تضم من يُجيد قراءة التكتيك، وتحليل الأداء، ورصد التحولات الفنية بدقة تضاهي رأي الخبراء. لذا لم يعد من المقبول حصر هذه الروابط في أدوارها التقليدية، بينما يمكن إعادة صياغتها لتصبح منصات تحليل واستطلاع تساهم في استدامة أداء النادي وتعزيز تماسكه الجماهيري.
الحقيقة أن العديد من الأندية هذا الموسم عانت من تذبذب في المستوى، لا بسبب ضعف فني أو إداري فحسب، بل لأنها لم تُحسن الاستفادة من صوت جمهورها. رأينا مظاهر غضب، عزوفاً عن الحضور، واستهجاناً وسخرية، كان من الأجدر تحويلها إلى مؤشرات قابلة للقراءة والتحليل، تُترجم إلى قرارات تُسهم في تصحيح المسار.
من هنا تنبع الحاجة إلى جيل جديد من روابط المشجعين، يؤسس لأدوار أكثر احترافية. روابط تُنظم استطلاعات رأي بعد كل مباراة، تُحللها فرق مختصة في علم البيانات وعلم النفس الرياضي، وتُفرز منها خلاصات تُقدَّم للفريق الفني والإداري. الهدف ليس مجاراة الانفعالات، بل استثمار هذا الزخم العاطفي والفكري كمدخلات نوعية تعزّز القرار وتثري المنظومة.
فالجمهور اليوم ليس مجرد متفرج، إنما شريك في الرؤية ومساهم في التصحيح؛ في صفوفه مدربون معتزلون، طلبة علوم رياضية، ومهتمون بالإحصاء، وخبرات جديرة بالإنصات. وخطأ الأندية الأكبر هو أن تراه جوقة تشجيع فقط، بينما هو رصيد ذهني ووجداني لا يُقدَّر بثمن.
حتى أكبر نادٍ في العالم لا يمكنه الاستغناء عن جمهوره، فهو مصدر للطاقة والأفكار وردود الفعل. فكيف إذا نُظم هذا التفاعل عبر روابط تمتلك أدوات قياس ومهارات تحليلية تؤهلها لتكون حلقة وصل فاعلة بين المدرج وغرفة القرار؟
باختصار، آن لرابطة المشجعين أن تتحول من مكبر صوت إلى منصة تحليل تعكس نبض الجمهور وتقدّمه بلغة علمية وواعية. فالهتافات التي تُفهم ويُنصت لها، أقوى من تلك التي تُسمع فقط. ومن يغفل عن جمهوره، سيصحو يومًا على مدرجات صامتة، وفريقٍ بلا روح، وخسارة لا تجد من يُبررها.