عبدالكريم بن يوسف اليوسف
منذ أن فرض الله الحج على المسلمين في السنة التاسعة للهجرة، سارت القوافل جماعات وأفراداً بتعدد أجناسها من كل فج عميق تهفو قلوبهم لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام. وقد تعددت طرق الحج ومن أشهرها طرق الحاج العراقي والشامي والمصري واليماني والعماني خلال القرون الماضية، حيث حظي طريق الحج باهتمام الحكام المسلمين في الفترة الإسلامية المبكرة والمتأخرة وازدهرت مدن الطريق ومحطاته، حيث أقاموا عليه البرك وحفروا الآبار، ومهدوا العقبات الصعبة، وبنوا المساجد في بعض محطاته.
وكما هو معلوم أن طرق الحج كانت محفوفة بالمخاطر وقطاع الطرق في ذلك الوقت حتى من الله على هذه البلاد المباركة في الدولة السعودية الأولى وهي أول من حمى طريق الحج وأمن الحرمين الشريفيين، حيث مرت على شبه الجزيرة العربية عامة والحجاز خاصة أطوار سياسية وأمنية متعددة ومتنوعة وعدم الاستقرار، وعندما دخلت القوات السعودية مكة المكرمة وأمنت الناس على أرواحهم وممتلكاتهم وتغير الوضع تماماً بعد دخول الحجاز تحت حكم الدولة السعودية الأولى على أثر الانتصارات الكبيرة التي حققتها قوات الإمام سعود، حيث أصبحت طرق الحج المؤدية إلى الحرمين الشريفين آمنة للحجاج والمعتمرين، وذلك بفضل الله ثم بفضل السياسة الحكيمة التي كان يسير عليها الإمام محمد بن سعود في إدارة الدولة السعودية المبنية على تحكيم كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وحينما دخل الإمام مكة أولى عيون المياه اهتماماً بالغاً من خلال أعمال الترميم والصيانة بشكل منتظم للكثير القنوات والعيون باعتبارها المصدر الرئيس للشرب في مكة، وحتى وقتنا الحالي - بحمد الله - في وجود هذه الدولة العظيمة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تم إقرار خطط وتقديم خدمات شاملة وغير مسبوقة استفادت من التقنيات الحديثة لتحقيق حج آمن وميسر، ودون منغصات فأصبح الحج ميسراً لكلّ من أراده، ولله الحمد والمنة، وذلك لوجود وسائل النقل الحديثة، فمهما بعدت المسافات يستطيع الحاج خلال ساعات معدودة الوصول إلى بلاد الحرمين الشريفين، حيث نفذت المملكة العربية السعودية بكل طاقاتها الخدمات المختلفة في جميع المجالات لخدمة ضيوف الرحمن، من توسعة الحرمين الشريفين إلى توسعة المشاعر المقدسة بشكل يفتخر به كل مسلم، وقت عبَّدت الطرق وسخرت الموانئ والمطارات وسكك الحديد وجميع وسائل النقل وآخرها قطار الحرمين من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة، بعد فضل الله سبحانه وتعالى ثم بجهود حكام هذه البلاد والمخلصين من أبناء المملكة، جزى الله خير الجزاء القائمين عليها.