خالد بن حمد المالك
لم يكن مفاجئاً سرعة موافقة حكومة نتنياهو الدموية على مقترح ويتكوف، لأنه يبدو كما لو أنه مقترح إسرائيلي بالتمام والكمال، بينما ردت عليه حماس بإبداء بعض التعديلات الشكلية التي سهلت على إسرائيل تبرير رفضها لمقترحات حماس، وبالتالي استمرار مجازرها في قطاع غزة.
* *
ملاحظات حماس (الشكلية) لا تغير من جوهر مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف حول هدنة بين إسرائيل وحركة حماس لمدة شهرين، غير أنها تطرح سؤالاً مباشراً: هل هناك جدية لوقف إطلاق النار في الستين يوماً، وتالياً الإيقاف نهائياً لحرب الإبادة؟
* *
ويتكوف لم يترك لإسرائيل وحدها فرصة التنديد بموقف حماس في تعاملها مع المقترح، وإنما صب جام غضبه على حماس أكثر مما فعلته إسرائيل، وحمَّل الجانب الفلسطيني فشل المقترح، وهو ما كان لا يفعله حين كانت إسرائيل هي الطرف الذي يرفض، فيتم حينئذٍ التعديل والتبديل والحذف بما يرضيها.
* *
ملاحظات حماس لا تعني رفض المقترح بالمطلق، إنما جاء بعضها تخوفاً من عدم التزام إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه، فطالبت بالضمانات من الرئيس الأمريكي، وأخرى لضمان تدفق المساعدات، مع تعديل في فترات تسليم الدفعات من الأسرى لديها، والتأكد من أن وقف إطلاق النار الجزئي سوف يقود إلى وقف دائم له.
* *
حماس ترى أن المقترح الأمريكي يجب أن يكون هدفه الوصول إلى الوقف الدائم لإطلاق النار، وانسحاباً إسرائيلياً كاملاً من قطاع غزة، وضمان وصول الغذاء والدواء للسكان، مقابل الإفراج عن الرهائن والجثامين على دفعات، تبدأ بعشرة أحياء وثمانية عشر من الموتى.
* *
ولأن نوايا إسرائيل تتركز على احتلال القطاع، وطرد حماس، وإخلاؤه من السلاح، وعدم إيقاف القتال ما لم تتحقق هذه الشروط، فهي بذلك ترفض أي تعديل على مقترح المبعوث الأمريكي، أو المساس به، خاصة وأنه - على ما يبدو- تم بالتنسيق مع حكومة إسرائيل، وما تضمنه يلبي طلباتها، ويمكنها من تحقيق أهدافها في هذه الحرب.
* *
هناك ضغوط في إسرائيل من أهالي الأسرى لدى حماس على حكومة نتنياهو، خوفاً من أن يتعرضوا للقتل، إذا ما استمر القتال، وضغوط أخرى من السكان الفلسطينيين على حركة حماس، لأن استمرار القتال يدفع ثمنه الفلسطينيون المدنيون الأبرياء بأعداد مهولة من القتلى، ولكن ما زال كل طرف يتمسك بموقفه، وإن كان موقف حماس هو الأضعف في المناورة.
* *
المقترح الأمريكي ظهر منحازاً للجانب الإسرائيلي، وهذا سبب قبول إسرائيل به دون وجود أي تعديل منها، فيما أن حماس أدخلت عليه بعض التعديلات، ولو كانت إسرائيل ترغب في إيقاف القتال لوافقت على تعديلات حماس غير المؤثِّرة في التوجهات الإسرائيلية.
* *
من أهم الملاحظات والتحفظات لدى حماس على ورقة ويتكوف ما تضمنته من التزام حماس بتسليم الرهائن لديها في غضون يومين في الأسبوع الأول، بينما ترى حماس وفقاً للتسريبات عن المقترح أن يكون التسليم على مراحل فترة سريان الاتفاق ومدته شهران، لضمان التزام إسرائيل بتنفيذ ما يلزمها به الاتفاق.
* *
تخوفات حماس جاءت من أن هذا المقترح يمثِّل أقل مما كان مقبولاً لدى إسرائيل في المقترحات السابقة، وهو لا يمنع إسرائيل من استئناف القتال خلال مدة الشهرين، كما أنه يطلق يد الجيش الإسرائيلي للعودة إلى الحرب بعد الستين يوماً، أي حين تكون ساحات قطاع غزة خالية من الرهائن لدى حماس.