عبدالإله بن محمد بن مرشد التميمي
منذ أن أكرمها الله بخدمة الحرمين الشريفين، حملت المملكة العربية السعودية على عاتقها رسالة سامية، ومهمة عظيمة تتجاوز حدود الجغرافيا لتلامس وجدان أكثر من مليار مسلم حول العالم. فقد غدت قلب العالم الإسلامي النابض، ومهوى أفئدة الحجيج، وموطن العناية الربانية والإنسانية، حيث تتجسد في كل موسم حج أبهى صور التنظيم، وأسمى مراتب الخدمة، بفضل الله أولاً، ثم بفضل الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهما الله- اللذين جعلا من خدمة ضيوف الرحمن أولوية وطنية، وشرفًا تتوارثه الأجيال.
وفي هذا الإطار، تتصدر وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد المشهد بخطوات راسخة وعمل مؤسسي متين يقوده معالي وزير الشؤون الإسلامية الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، رئيس اللجنة العليا لأعمال الوزارة في الحج والعمرة والزيارة. هذا القائد الذي جسّد خلال جولاته التفقدية في المشاعر المقدسة روح المسؤولية، وصدق الانتماء لهذا الوطن المبارك.
بدأت الجولة من مقر اللجنة العليا في العاصمة الرياض، حيث ترأّس معاليه الاجتماعات المكثفة لمتابعة خطط العمل ومؤشرات الأداء، ثم انتقل إلى ميادين منى ومزدلفة وعرفات، حيث اختلط القرار التنفيذي بالميدان، وكانت الخطى واثقة والرؤية واضحة، والهدف واحد: تهيئة بيئة إيمانية متكاملة تليق بقداسة الزمان والمكان، وتُجسّد توجيهات القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- في العناية بالحجاج وتيسير أداء مناسكهم بطمأنينة ويسر.
لم تكن الجولة التفقدية مجرّد متابعة روتينية، بل تأكيد لنهج القيادة الإدارية الميدانية التي تعتمد على القرب من العاملين، ومشاركة التفاصيل، وحل المشكلات من جذورها. وقد وقف معاليه أمام فرق العمل الميدانية بقوله:
«ناقصكم شيء؟ تحتاجون شيء؟ إذا فيه نقص نعالجه سويًّا.. تأمرون بشي؟»
كلمات تختصر فلسفة العمل في الوزارة: الجميع شركاء في النجاح، ولا مكان للتقصير في منظومة خدمة ضيوف الرحمن.
وخلال الجولة، دشّن معاليه ثمانية مشاريع تطويرية نوعية تُعزز كفاءة الخدمات، وتجمع بين التطوير العمراني والدعوي، من أبرزها: مشروع ترميم مسجد نمرة، وتحديث نظامي التكييف والتهوية في مسجدي نمرة والخيف، ومقر الوزارة بعرفات، إضافة إلى تركيب مظلات تبريد ومراوح رذاذ تُخفف حرارة الأجواء وتوفر الراحة للحجاج. كما أُطلق 70 وحدة سقيا قادرة على خدمة 140 ألف حاج في الساعة الواحدة، في مشهد يعكس التكامل بين الراحة الجسدية والطمأنينة الروحية. وشملت الجولة تفقد المراكز التوعوية والمواقيت ومسارات توزيع المواد الدعوية، والاطلاع على سير البرامج الإرشادية التي تُقدَّم بعدة لغات، إلى جانب جهود الوزارة الفكرية الضخمة التي شملت طباعة أكثر من أربعة ملايين مادة علمية، وتفعيل الدعاة والمترجمين، واستقبال استفسارات الحجاج بأكثر من أربعين لغة.
وفي سياق متصل، يبرز الدور المحوري لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، الذي أعدّ أكثر من مليونين ونصف المليون نسخة تُوزّع كهدية من المملكة إلى حجاج بيت الله الحرام، في رسالة حب وسلام تعكس رعاية المملكة لكل ما يُعين المسلمين على أداء عباداتهم.
وفي حديثه الإعلامي أثناء الجولة، أكّد معالي الوزير الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ على متانة الدولة، وقوة رجالها، ويقظة مؤسساتها في التصدي لكل من تسوّل له نفسه المساس بأمن الحج أو تشويش صفوه، حيث قال: «هذه الأرض المباركة سيحميها الله ممن تلوث فكره أو تسمم عقله وحاول تشتيت الحجاج والمعتمرين، والمملكة قوية برجالها، ومن خرج عن الصراط المستقيم فله أسود بالمرصاد. وأبشركم، الأمور طيبة، والحق بان، والحجاج يلهجون بالشكر للقيادة على ما وجدوه من خدمات جبارة».
إن وزارة الشؤون الإسلامية، برجالها المخلصين، وعلى رأسهم معالي الوزير الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، تثبت عامًا بعد عام أنها حاضرة بقوة في الميدان، ومؤثرة في التوجيه، وسبّاقة في الخدمة، تمضي بثبات نحو تحقيق رسالتها الدعوية وخدمة الحجاج والمعتمرين، بما يليق بمكانة المملكة قيادةً وشعبًا، ورسالةً ومكانة.
نسأل الله أن يُبارك هذه الجهود المباركة، وأن يُعين القائمين على هذه الأمانة، وأن يُجزي ولاة أمرنا خير الجزاء على ما يقدمونه للإسلام والمسلمين.