منال الحصيني
مع اقتراب موسم حج (1446) - (2025)، تتجه أنظار العالم الإسلامي نحو مكة المكرمة، ليس فقط بروحانية المكان، ولكن أيضًا بدهشة لما تحققه المملكة العربية السعودية من نقلة نوعية في إدارة الحج من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي.
في ظل رؤية المملكة 2030، أصبح تنظيم الحج تحديًا تقنيًا وإنسانيًا في آن واحد، حيث تتعاون التكنولوجيا مع الإيمان لتقديم تجربة أكثر أمانًا وسلاسة ووعيًا لضيوف الرحمن.
- منصة ذكية لإدارة الحشود: قراءة اللحظة قبل وقوعها
تعمل الجهات المختصة على تشغيل أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة تراقب حركة الحشود عبر الكاميرات وتقنيات الرؤية الحاسوبية، لتحليل البيانات في الوقت الفعلي وتوجيه تدفق الحجاج في الطواف والسعي وجسر الجمرات.
الخوارزميات المتطورة لا تكتفي بالمراقبة، بل تتنبأ بمواضع الازدحام مسبقًا، وتقترح مسارات بديلة، لتوزيع الأعداد بشكل آمن، مع الحفاظ على الانسيابية في أداء المناسك.
- منارة 2: الذكاء الناطق بلغات الحجاج
في مايو 2025، تم تدشين النسخة الثانية من روبوت «منارة الحرمين»، الذي يقدم استشارات شرعية فورية بـ 11 لغة مختلفة، منها العربية والإنجليزية والماليزية والبنغالية، مما يتيح للحجاج من مختلف الجنسيات التواصل بسهولة والحصول على الإجابات الدقيقة لاستفساراتهم الشرعية.
يتميز الروبوت بإمكانية التواصل المباشر مع العلماء والمفتين عبر مكالمات فيديو، ما يعزز من مصداقية الفتاوى وسرعة الوصول إليها.
- أنظمة ذكية للنظافة والاستدامة
بدأت مبادرات النظافة الذكية في موسم حج 1445هـ (2024م) باستخدام مكانس ذكية وروبوتات لتطهير أرضيات الحرم، مع توظيف روبوتات لتوزيع عبوات ماء زمزم آليًا، لتقليل التزاحم وتحسين جودة النظافة.
وتواصل المملكة في موسم حج 2025 توسيع هذه المبادرات عبر أنظمة إدارة النفايات الذكية، مثل الصناديق الكهربائية الضاغطة والمخازن الأرضية، إلى جانب معالجة مخلفات الذبح وفق أعلى معايير الاستدامة البيئية، لضمان بيئة نظيفة ومستدامة في المشاعر المقدسة.
- تكنولوجيا السلامة: حماية غير مرئية لكنها فعالة
تعمل أنظمة التعرف على الوجه على تسريع عملية تحديد أماكن الحجاج المفقودين، بالإضافة إلى تحسين الاتصالات بين فرق الطوارئ والصحة الميدانية.
يضمن الذكاء الاصطناعي سرعة الاستجابة للطوارئ، ويقلل من المخاطر، ما يعزز سلامة الحجاج بشكل غير مسبوق.
كل ذلك يعد نقلة استراتيجية في خدمة ضيوف الرحمن.
فما تخطط له المملكة هذا العام لا يقتصر على استخدام التقنية فحسب، بل هو تطبيق متكامل لرؤية وطنية تعزز من تجربة الحج لتصبح رحلة آمنة، منظمة، وإنسانية بامتياز.
بينما تتجه القلوب نحو الكعبة، تعمل العقول بتقنية الذكاء الاصطناعي على ضمان رحلة روحانية خالية من المعوقات، مليئة بالسكينة والإيمان.