محمد سليمان العنقري
طريقة تحديد النطاق السعري للاكتتابات الجديدة معروفة ولا تحتاج لتكرار في شرحها والعامل الأهم أنها من مسؤوليات الشركات المالية التي تتولى إدارة الاكتتاب، بينما تكمن الغرابة بالمكتتبين من المؤسسات المالية عندما يقبلون بأسعار شركات يتضح فيما بعد أنه كان مبالغا فيها، بحسب النتائج المستقبلية القريبة جدا وقد ظهر ذلك بتراجع عديد من الشركات الحديثة العهد بالسوق المالي دون سعر الاكتتاب وهي ظاهرة تستحق التوقف عندها وإعادة النظر بالطريقة التي تقيم بها أسعار الشركات.
حقيقة ما يطرح التساؤل حول طريقة التسعير ومسؤولية الشركة المالية التي تدير الاكتتاب وتحدد القيمة المناسبة للسهم ما حدث أخيرا في عديد من الاكتتابات التي هبط سعرها دون سعر الاكتتاب خلال أيام أو أسابيع أو شهور، مع اتضاح المبالغة بتقييم أسعارها تبعا للنتائج المالية الفصلية التي تحققت اللاحقة للإدراج بفترة وجيزة، رغم أنه يفترض أن يكون لدى مدير الاكتتاب معرفة تامة بواقع نشاط الشركة والاطلاع على النتائج المتوقعة للفترة القريبة خلال الإدراج أو بعده فورا، لكن الإشكالية ليست بما حدث لآخر شركة أدرجت وشهدت تراجعا بسعر اكتتابها، فهناك شركات عديدة أيضا تتداول دون سعر الاكتتاب، رغم أنها تعد حديثة عهد بالسوق؛ أي أدرجت من شهور أو عام أو اثنين على أبعد تقدير، مما يتطلب إعادة النظر بطريقة بناء سجل الأوامر وآلية تحديد النطاق السعري للسهم والأهم من ذلك مسؤوليات مدير الاكتتاب، أي يجب أن يتحمل تبعات أي مبالغة بالتقييم من خلال تمكين المتضررين من المطالبة بتعويضات إذا ثبت أنه بالغ بالتقييم وأن النتائج المستقبلية القريبة جدا أوضحت تراجعا كبيرا بالأداء كان يفترض أن يوضح مسبقا ويؤخذ بعين الاعتبار، فهناك حاجة ماسة للالتفات لهذا الجانب مع ضرورة دراسة إمكانية إلغاء بناء سجل الأوامر واتباع طريقة أفضل للإدراجات القادمة مثل التداول المباشر للسهم بعيدا عن الطريقة الحالية المتبعة بالسوق الرئيس تحديدا، لأن من شأن ذلك أن يغير بمفهوم طريقة تقييم السعر بطريقة أكثر فاعلية ويتبح للأفراد أن يحصلوا على كميات أكبر بدلا من الطريقة الحالية التي تعطيهم عدد أسهم محدود جدا، أحيانا يصل إلى 6 أو 10 أسهم للفرد بأفضل الأحوال بالشركات الصغيرة والمتوسطة.
سوق المال يشهد تطورا مستمرا ومن المهم أن يعاد النظر بجدولة الاكتتابات الجديدة وطريقة إدراجها ومسؤوليات من يدير الاكتتابات وتحميله تبعات أي مبالغات بالتقييم أو ظهور معلومات بعد الإدراج فورا، كان يفترض إعلانها قبل أن يبدأ تداول السهم، بل حتى تقييم سعره حتى تبقي الاكتتابات جاذبة مستقبلا ولا تفقد الاهتمام بها، لأنها مصدر لتمويل الشركات وتوظيف المدخرات وزيادة الفرص الاستثمارية المتاحة بمختلف القطاعات الاقتصادية والأنشطة التي تندرج تحتها.