هويدا المرشود
هذا النداء.. لا يُشبه شيئًا.
لا هو صوت، ولا قرار.
هو شعور يمشي على الأرض.. يُوقظ دولة، ويستنهض قلبها.
الحج ليس حدثًا عابرًا في روزنامة المملكة.
الحج.. هو لحظة وعي جماعي.
تتحوّل فيها كل وزارة، وكل موظف، وكل مرفق، وكل جهاز.. إلى خادم صادق.
ليس مجاملة.
بل لأننا نؤمن أن من أتى إلينا.. هو ضيف الرحمن،
وأننا نُشرّف لا نُكلَّف.
خلف الكواليس.. دولة لا تنام
ما تراه الحشود من أمن وطمأنينة.. سبقه شهور من التخطيط والتدريب والتجهيز.
32 ألف رجل أمن، لا ليراقبوا.. بل ليحرسوا السكينة.
100 مركز صحي، 24 مستشفى، طواقم إسعاف، مسعفات، روبوتات، ذكاء اصطناعي.
أكثر من 4000 كاميرا تراقب الخطر قبل أن يقترب.
ليست حسبة أرقام.
بل ملامح دولة تعرف متى تتقدّم، ومتى تتوارى لتدع المشهد للعبادة.
من فوق لا يُرى التعب.. لكننا نراه
الحج لا يحتاج صوتًا عاليًا.. بل عينًا حانية.
وفي كل زاوية من المشاعر، تجد يدًا سعودية رتّبت، جهّزت، سهّلت، ثم اختفت بصمت.
لا أحد يبحث عن الأضواء.
الكل يبحث عن رضا الله، ثم رضا الحاج.
«نسك»: رفيق لا ينام
حين تتعقّد الأسئلة، وتضيع الطرق،
هناك من ابتكر تطبيقًا لا يكتفي بالإجابة.. بل يرافقك كظلّك.
بأكثر من 14 لغة، وأكثر من مليونَي حاج،
«نسك» لا ينقلك من مكان لمكان فقط.. بل من القلق إلى الراحة.
طريق مكة.. لأنه لا وقت للانتظار
حتى في المطارات، فكرنا كأننا نحن الحُجّاج.
استبقنا الزحام، وخفّفنا الخطوات.
من خمس دول، يدخل الحاج إلى طقوس المملكة قبل أن تطأ قدمه أرضها.
المملكة لا تعلن النجاح.. تعيشه
لا نرد على حملات التشكيك.. نردّ بخدمة.
لا نرفع الشعارات.. بل نرفع الأكمام.
ولأننا لا نؤمن بالبيروقراطية.. بل بالمرونة،
تحوّلت الدولة إلى كائن حي:
قلبه ينبض في المشاعر،
يده تعمل في التنظيم،
وصوته لا يُسمع.. بل يُشعر.
القيادة لا تُتابع من بعيد
الملك سلمان -حفظه الله ورعاه- يرعى الحج كأنه مسؤول عن كل خيمة فيه.
وولي العهد الأمير محمد بن سلمان لا يدير من كرسي.. بل بعقل يمشي أمام الزمن
يرى أين سنكون بعد عشر سنوات.. ويبدأ من الآن.
الحج عندنا لا يتكرّر.. بل يتجدّد
كل عام له طعمه.
له تحدّيه.
وله بصمة جديدة نضيفها للتاريخ.
في النداء الخامس.. لم تنادِ السماء وحدها.
بل نهضت الأرض.
مكة تفتح ذراعيها، والمملكة تبسط قلبها.
حجّاج بيت الله لا يطؤون ثراه فقط..
بل يسيرون على عرق دولة، ونبض شعب، ووصيّة قيادة.
وهنا لا ننتظر الشكر.
نحن نزرع ما لا يُرى.. لنحصد ما لا يُنسى.
فإن كان الحج ركنًا في الإسلام..
فخدمته ركن في هوية هذا الوطن.