خالد بن عبدالرحمن الذييب
كان جالساً وحيداً حين ظهر على الشريط الإخباري للقناة الإخبارية الشهيرة خبر مفاده أن «الفيل يطير»، في البداية ضحك ساخراً، فالعقل يقول إن «الفيل لا يطير».
هاتفه النقَّال يرن بإشارة تنبيهيه من موقع إخباري آخر يقول إنه تمت مشاهدة «فيل يطير» في أحد بقاع العالم غرب قارة أوروبا، ازدادت سخريته من الخبر، وبدأ يتمتم مستغرباً واثقاً من عقله ساخراً مما يقرأ، لأن «الفيل لا يطير»..
اتصل عليه أحد أصدقائه: أسمعت الخبر؟
- أي خبر؟
- خبر الفيل الذي يطير..!
- قال باستنكار: وهل جننت؟ أتصدق مثل هذه الأخبار؟
- لقد انتشر الخبر في كل وسائل الإعلام، افتح قناة إس إن إن ستجدهم يتحدثون عن الخبر، وهناك مجموعة من الخبراء أكدّوا ذلك.
- طيب... طيب.. (وأنهى المكالمة، وفضَّل متابعة مباراة فريقه المفضّل على نهائي القارة)..
وقبل بداية المباراة بدقائق وأثناء التحليل الفني يقطع البث ويظهر المذيع لينتقل عبر الأقمار الصناعية إلى موقع قناة البي بي دي، لإعلان عن مشاهدة «فيل يطير»..
بدأ صاحبنا بالاندهاش، هل هذا يُعقل؟
- لا أعلم (قالها صديقه وهما يتجاذبان الحديث حول انتشار حكاية خبر «الفيل الذي يطير»، وتابع قائلاً: (ولكن العلماء يقولون إن هذا تطور جيني للفيل ناتج عن نظرية النشوء والارتقاء لداروين، فالفيل كان كائناً صغيراً وكان حلقة من حلقات التطور ومن خلال الطفرات الجينية تحول مع مرور الزمن إلى فيل، وها هو الآن بدأ يكتسب الأجنحة، ليكوِّن لنا مخلوقاً آخر اسمه «فيل طير»...
فقال صاحبنا: يا سبحان الله، هذا معناه أننا يجب أن نتعامل مع حركة الطيران بشكل مختلف، فالنسور والصقور، بل وحتى الحمام قد تسبب أحياناً مشاكل في الطائرات إذا اصطدمت بأجنحة الطائرة، أو مراوحها فما بالنا بفيل طائر..!
استمر النقاش بينهما حول الفيلة الطائرة، ودورها في تغيير حركة الطيران المدني، وتخطيط المدن، والاقتصاد العالمي، ونسي الاثنان حقيقة المعلومة، وأصبحا يناقشان نتائجها على أنها حقيقة..
أخيراً..
مهما تنتشر معلومة حتى ولو أتت من مصدر موثوق، فإذا كانت لا تتفق مع العقل لا تصدق أي شيء.
ما بعد أخيراً..
لو اجتمعت الإنس والجن، الحواضر والبوادي، الصحف والمجلات، علماء الأحياء والفيزياء، وعلماء النحو والصرف، وكل إنسان على هذا العالم وقالوا لك إن «الفيل يطير» لا تصدّقهم وصدّق عقلك فقط.. «الفيل لا يطير»..!