سلمان بن محمد العُمري
حرم الله سبحانه وتعالى مال المسلم ودمه وعرضه، وسمى سورة فى كتابه العزيز بسورة «الهُمَزَة»، وهذا دليل على خطر الهمز واللمز والتحذير منه في هذه السورة؛ فقد توعد ربنا بالويل لكل هماز ولماز، فقال تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}، والهماز من يأكل لحوم الناس، واللماز من يطعن بهم، ومن أخطر آفات اللسان وأشدها فتكاً لحسنات الإنسان الغيبة والنميمة، فأعراض المسلمين محرمة كحرمة دمائهم وأموالهم كما أعلنها نبينا صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع.
وللأسف أن هذا البلاء العظيم من آفات اللسان لم يعد قاصراً على المجالس أو المحادثات الهاتفية كما كان فى السابق، بل أصبح متناقلاً ومتعاظماً في وسائط التواصل؛ فكم من المسلمين ابتلي بفئام من الناس همزوهم ولمزوهم، وكذبوا عليهم وافتروا، وقالوا فيهم بما ليس عندهم، واتهموهم في دينهم وفي أمانتهم، بل وفي وطنيتهم كذباً وزورًا، والأدهى من ذلك حينما يأتي إمعة من الإمعات والغوغائيين ويتناقلون هذه الإساءات دوما تثبت، وقد لا تقتصر هذه الإساءات على فرد أو جماعة بل قد تكون في حق أمة ودولة، وبلادنا الغالية المباركة المملكة العربية السعودية لم تسلم من هذا الأذى، وهذه الافتراءات التي تطالها بين الحين والآخر من أعداء ومن حاسدين ومن غوغائيين مغرر بهم.
إن هذا الداء والبلاء صفة من صفات المنافقين وأهل الخسران، وليس صفات المتقين ولا العقلاء والفضلاء، ولا يأتي منها إلا الشر والسوء فهي تؤكد الحقد والبغضاء بين الأفراد والمجتمعات.
وواجبنا جميعًا في كل مجلس أن ننكر آفات اللسان من كذب وغيبة ونميمة وبهتان وأن نردها وننكرها على قائلها، وكذلك الحال في مواقع التواصل، وينبغي على من سمع غيبة من مسلم أن يذب عن عرض أخيه وينكر على قائلها أوكاتبها أو ناقلها، فإن عجز أو لم يقبل منه، وجب عليه مفارقته فى ذلك المجلس أو في المجموعة أو في الموقع الذي هو فيه امتثالاً لقوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ}، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة).
ولمن ابتلي بهذا البلاء في الخوض بأعراض الناس أو من خاف أن يبتلى به فعليه بمداومة القراءة للقرآن الكريم والذكر والتسبيح قال تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}؛ فبالقراءة والذكر والتسبيح نملأ الأوقات بالحسنات، ونعوض ما فاتنا من الأوقات، ونكفر ما تراكم من السيئات، وأعظم ما يحفظ به العمر هو ذكره سبحانه، ومن أعظمه التسبيح، اللهم اجعل ألسنتنا مداومة على ذكرك وشكرك، واحفظ ألسنتنا من الآفات والسيئات.