ناهد الأغا
برؤية 2030 أراد للمملكة أن تحلق عالياً حيث لا تطالها الظلال؛ لأنه يعي تماماً بأن القامات لا تقاس بعيون الآخرين بل بما يدونه التاريخ في سفره الخالد... أدرك بيقين القائد المتفرد بأن بلده يجب أن يكون الأثر الخالد في سجل الأمم ... وبأنه الصوت المدوي لا الصدى في واد... فارتفع بالرؤى الاستثنائية كما ترتفع الجبال بثباتها؛ وشق الطريق دون تردد ودون أي رجفة خوف من المضي قدماً؛ أو استجداء سرب داعم ليؤنس وحدة الاختيار وتذليل وعورة الطريق... فهو يعلم في قرارة نفسه الطموحة بلا حدود بأن الرياح لا تقود النادرين بل تهادنهم؛ في زمن فقدت فيه النسور بوصلتها في التحليق والوصول إلى أقرب هدف وضعته نصب ناظريها... فيكفيك أن تبقى استثناء ببصمتك المميزة كقامة لا تنحني وجناح يأبى أن ينكسر.
إنه سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله؛ الذي صفع بطموحه الذي يبلغ السحاب أي تحد يواجهه ليضع برؤية 2030 المملكة في مقدمة الدول المتحضرة إقليمياً وعالمياً.
وعندما يعلن سمو سيدي ولي العهد عن مشروع فتأكد أنك ستراه واقعاً جميلاً وبإبداع يفوق الوصف؛ ذاك لأن قائد الرؤية 2030 رؤية العز والفخار وملهمها قرنت أقواله بأفعاله... ولاسيما تلك التي تخدم ضيوف الرحمن وتيسر أمورهم وتذلل مشقة أداء المناسك أمامهم.
وها نحن الآن على مشارف أحد المشاريع الرائدة مناطقياً وعالمياً ألا وهو مشروع «مسار المشاعر المقدسة» لضيوف الرحمن في مرحلته الثانية.
في هذا المقام نفرد الحديث في مقالنا عن هذا المشروع الرائد «مسار المشاعر» وما أدراك ما مسار المشاعر... فحديثنا سيكون عن رحلة روحانية إيمانية تسمو بها الروح.
ونسير برفقتكم عبر المشاعر المقدسة بدءاً من عرفات؛ وعبر ثلاث وجهات فيها وهي:
جبل الرحمة ومسجد نمرة وعين زبيدة ومن ثم مروراً بمزدلفة؛ حيث فيها مسجد المشعر الحرام وانتهاء بمنى التي نطوف سوية فيها وبكم بين جسر الجمرات ومسجد الخيف؛ وفي نهاية هذه الرحلة الروحانية بالإمكان زيارة معرض الوحي والاستمتاع بجولة تفيض ثراء وتسعد النفس بين ثنايا متاحفه التاريخية... ولعل هذه الرحلة الفريدة تشكل مزيجاً ساحراً يغبط الروح؛ فهو يجمع بين التطواف في أراضي المشاعر والتحليق عالياً حد السحاب بمشاعر روحانية فياضة سامية تثري تجربة السعي والطواف.
أما على المستوى الفني لمشروع «مسار المشاعر» فقد نفذت شركة «كدانة» للتنمية والتطوير «الذراع التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة»... نفذت المرحلة الثانية من مشروع «مسار المشاعر»؛ حيث يشغل مساحة 170 ألف متر مربع.
وتضم المرحلة الثانية تجهيز 130 ألف متر مربع من الأرضيات المطاطية؛ تلك التي تخفف الإرهاق على الحجيج أثناء سعيهم وكأنها تعمل هيدروليكياً.
وهناك 15 ألف متر مربع من المساحات الخضراء والحدائق التي تعزز من تلطيف جودة الهواء وتسهم بشكل كبير في تخفيف درجات الحرارة المرتفعة.
والبنية التحتية للمشروع تضم كذلك نحو 3 مراكز طبية؛ 390 كرسي جلوس؛ 780 مشرب ماء؛ إضافة إلى 240 وحدة شحن للهواتف المحمولة؛ وهذا إن دل على شيء إنما يدل على حرص المملكة على تلبية احتياجات الحجاج والعمل على توفير كل ما من شأنه تسهيل الأمور وخلق البيئة المتكاملة خلال موسم الحج.
تجدر الإشارة إلى أن المرحلة الأولى من المشروع كانت قد نفذت العام الماضي وعلى مساحة 70 ألف متر مربع؛ حيث تتواصل المرحلة الثانية عبر الجهود الحثيثة والمستمرة من «كدانة» والحريصة على تقديم الأفضل فنياً؛ وتحسين تجربة ضيوف الرحمن التي تعزز جودة الخدمات المقدمة خلال موسم حج عام 1446 هجري.
يبقى مشروع «مسار المشاعر» في مرحلته الثانية مشروعاً متميزاً بتصميماته الهندسية التي غايتها الأولى مراعاة راحة الحجاج وسلاسة تنقلاتهم بين المشاعر؛ مع الأولوية لشروط السلامة... حيث اعتمدت مكونات عمرانية ومواد بناء متقدمة فنياً وهندسياً؛ تلك التي تعزز بشكل جلي سهولة حركة الحشود للحجاج وتوفر بالمقام الأول بنية خدمية متكاملة آمنة ومستدامة.. وترفد سهولة وانسيابية الأداء المثالي وذلك بدعم الجوانب البيئية والصحية في المنطقة.